للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرضٍ فيها غِراسٌ، أُجْبرَ شَرِيكُه عليه، كذلك البناءُ. وإن طلبَ أحدُهما جَعْلَ السُّفْلِ لأحَدِهما (٣٠) والعُلْوِ للآخَرِ (٣١)، ويُقْرَع بينهما، لم يُجْبَرْ عليه الآخَرُ؛ لثلاثةِ مَعانٍ، أحدُها، أنَّ العُلْوَ تَبَعٌ (٣٢) للسُّفْلِ، ولهذا إذا بِيعَا، تثْبُتُ الشُّفْعةُ فيهما، وإذا أُفْرِدَ العُلْوُ بالبيعِ (٣٣)، لم تَثْبُتْ فيه الشفعة، وإذا كان تَبَعًا له، لم يُجْعَلِ المتْبُوعُ سَهْمًا والتَّبعُ (٣٤) سهمًا، فيصيرُ التَّبَعُ (٣٤) أصْلًا. الثاني، أنَّ السُّفْلَ والعُلْوَ يجْرِيانِ مَجْرَى الدَّارَيْنِ المُتلاصِقتَينِ (٣٥)؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يُسْكَنُ مُنْفَرِدًا (٣٦)، ولو كانَ بينهما دارانِ، لم يكُنْ لأحدِهما المُطالَبةُ بجَعْلِ كلِّ دارٍ نَصِيبًا، كذا هاهُنا. الثالث، أنَّ صاحبَ القَرارِ يَمْلِكُ قَرارَها وهَواءَها، فإذا جُعِلَ السُّفْلُ نَصيبًا انْفَردَ صاحبُه بالهواءِ، وليستْ هذه قِسْمةً عادلةً. وبهذا قال الشَّافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَقْسِمُه الحاكمُ، يَجْعَلُ ذِراعًا من السُّفلِ بذراعَيْنِ من العُلْوِ. وقال أبو يوسفَ: ذِراعٌ بذِراعٍ. وقال محمدٌ: [يَقْسِمُها بالقِيمةِ] (٣٧). واحْتَجُّوا بأنَّها دارٌ واحدةٌ، فإذا قَسَمَها على ما يَراهُ جازَ، كالتى لا عُلْوَ لها. ولَنا، ما ذكرْناه من المعانى الثلاثةِ، وفيها رَدُّ ما ذكَروه، وما يذْكُرونه من كَيْفيَّةِ القِسْمةِ تَحكُّمٌ، وبعضُه يَرُدُّ بعضًا. وإن طلبَ أحدُهما قِسْمَةَ العُلْوِ وحدَه، أو السُّفْلِ وحدَه، لم يُجَبْ إليه؛ لأنَّ القِسْمةَ تُرادُ للتَّمْيِيزِ، ومع بقاءِ الإشاعةِ [في أحدِهما] (٣٨) لا يَحْصُلُ التَّمْييزُ. وإن طلبَ قِسْمةَ السُّفْلِ مُنْفرِدًا، أو العُلوِ مُنْفَرِدًا، لم يُجَبْ إليه؛ لأنَّه قد يَحْصُلُ لكلِّ واحدٍ منهما عُلْوُ سُفْلِ الآخَرِ، فيَسْتضِرُّ كلُّ واحدٍ منهما، ولا يتميَّزُ الحَقَّان.

فصل: وإذا كان بينهما دارٌ، أو خانٌ كبيرٌ، فطلَبَ أحدُهما قِسْمةَ ذلك،


(٣٠) في م: "لإحداهما".
(٣١) في م: "للآخرين".
(٣٢) في ب، م: "يتبع".
(٣٣) سقط من: ب.
(٣٤) في ب: "المتبع".
(٣٥) في ب: "المتلاصقين".
(٣٦) في الأصل: "مفردا".
(٣٧) في الأصل: "يقسم بالقسمة".
(٣٨) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>