للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُخُولَ وَقْتِهِمَا، ولا يُصَلِّى مع الشَّكِّ، وقد نَقَلَ أبو طالب كلاما يَدُلُّ على هذا، قال: يومُ الغَيْمِ يُؤَخِّرُ الظهْرَ (٣٩) حتى لَا يَشُكّ أنَّها قد حانت، ويُعَجِّلُ العَصْرَ، والمَغْرِبُ يُؤَخِّرُهَا حتى يَعْلَمَ أنَّه سَوَادُ اللَّيْلِ، ويُعَجِّلُ العِشاءَ.

فصل: وأمَّا العَصْرُ فَتَعْجِيلُها مُسْتَحَبٌّ بكلِّ حالٍ، ورُوِىَ ذلك عن عمرَ، وابنِ مسعُود، وعائشةَ، وأنَسٍ، وابْنِ المُبَارَكِ، وأهْلِ المدينةِ، والأوْزَاعِىِّ، والشَّافِعِىِّ، وإسحاق. ورُوِىَ عن أبي قِلَابَة (٤٠)، وابنِ شُبْرُمَة (٤١)، أنَّهما قالا: إنَّما سُمِّيت العَصْرُ لِتُعْصَرَ. يعْنِيَانِ أن تَأْخِيرَها أفْضَلُ. وقال أصحابُ الرَّأْىِ: الأفضلُ فِعْلُها في آخِرِ وقتِها المُخْتَار؛ لِما رَوَى رافِعُ (٤٢) بن خَدِيجٍ، أن النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَأْمُرُ بِتَأْخِيرِ العَصْرِ (٤٣). وعن عَلىِّ بنِ شَيْبَان، قال: قَدِمْنَا على رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان يُؤَخِّرُ العَصْرَ ما دامَت (٤٤) بيضاءَ نَقِيَّةً. رواهُ أبو داوُد (٤٥) ولأنَّها آخِرُ صلاتَىْ جَمْعٍ، فاسْتُحِبَّ تأخِيرُها كصلاةِ العِشَاءِ. ولنا، ما ذَكَرْنَاهُ من حديثِ أبى بَرْزَةَ، وقال رَافِعُ بن خَدِيج: كنا نُصَلِّى مع رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاةَ العَصْرِ، ثم يُنْحَرُ الجَزُورُ، فَيُقَسَّمُ عشرةَ أجْزَاءٍ، ثم يُطْبَخُ فيُؤْكَلُ لحْمًا نضِيجًا


(٣٩) في الأصل: "الصلاة".
(٤٠) أبو قلابة عبد اللَّه بن زيد بن عمرو الجرمى البصري، من فقهاء التابعين، ثقة، توفى سنة ست أو سبع ومائة. طبقات الفقهاء، للشيرازي ٨٩، تهذيب التهذيب ٥/ ٢٢٤ - ٢٢٦.
وقول أبى قلابة أورده الدارقطني، في: باب ذكر بيان المواقيت، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني ١/ ٢٥٥.
(٤١) أبو شبرمة عبد اللَّه بن شبرمة بن حسان الضبى الكوفى القاضي، من فقهاء التابعين، توفى سنة أربع وأربعين ومائة. طبقات الفقهاء، للشيرازي ٨٤، تهذيب التهذيب ٥/ ٢٥٠، ٢٥١.
(٤٢) في م: "نافع" خطأ.
وهو رافع بن خديج بن رافع الأنصاري، كان قد عرض نفسه يوم بدر، فرده الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لأنه استصغره، وتوفى سنة أربع وسبعين. أسد الغابة ٢/ ١٩٠، ١٩١.
(٤٣) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٤٦٣. والدارقطني، في: باب ذكر بيان المواقيت واختلاف الروايات في ذلك، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني ١/ ٢٥١. والطبراني، في المعجم الكبير ٤/ ٣١٧.
(٤٤) في الأصل: "ما كانت". وفى سنن أبي داود: "ما دامت الشمس".
(٤٥) في: باب في وقت صلاة العصر، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>