للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحابُ الرَّأْىِ. وقال الأوْزاعِىُّ: يحل ههُنا. ولَنا، أَنَّ إرْسالَ الكلبِ على الصَّيْدِ شرطٌ (١٣) لما بَيَّنَّاه؛ ولم يُوجَدْ فى أحدِهما.

فصل: فإنْ أرْسَلَ مسلمٌ كَلْبَه، وأَرسَلَ مَجُوسِىٌّ كلبَه، فرَدَّ كلبُ الْمَجُوسِىّ الصَّيْدَ إلى كلب المسلمِ، فقَتَلَه، حَلَّ أكلُه. وهذا قولُ الشافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَحَلُّ، لأنّ كلبَ الْمَجُوسِىّ عاوَنَ فى اصْطيادِه، فأشْبَهَ إذا عَقَرَه. ولَنا، أَنَّ جارِحَةَ المسلمِ انْفَرَدَت بِقَتْلِه، فأُبِيحَ، كما لو رَمَى الْمَجُوسِىُّ سَهْمَه، فَردَّ الصَّيْدَ، فأصابَه سَهْمُ مُسْلِمٍ (١٤)، فقَتَلَه، أو أَمْسَك مَجُوسِىٌّ شاةً، فَذَبَحَها مسلمٌ. وبهذا يبْطُلُ ما قالَه.

فصل: وإذا صادَ الْمَجُوسِىُّ بكلْبِ مُسْلِمٍ، لم يُبَحْ صَيْدُه. فى قولِهم جميعا. وإِنْ صادَ المسلمُ، بكلْبِ مَجُوسِىٍّ (١٥)، فقَتَلَ، حَلَّ صَيْدُه. وبهذا قال سعيدُ بن المُسَيَّبِ، والحَكَمُ، ومالكٌ، والشافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ (١٦)، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وعن أحمدَ: لا يُباحُ. وكَرِهَه جابرٌ، والحسنُ، ومُجاهِدْ، والنَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ؛ لقولِه تَعالَى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} (١٧). وهذا لم يُعَلِّمْه. وعن الحسن، أنَّه كَرِه الصَّيْدَ بكلبِ اليَهُودِىِّ والنَّصْرانِىِّ، لهذه الآية. ولَنا، أنَّه آلةٌ صادَ بها المسلمُ، فحَلَّ صَيْدُه، كالقَوْسِ والسَّهْمِ. قال ابنُ المُسَيَّبِ: هو (١٨) بمنزِلَةِ شَفْرَتِه. والآية دَلَّت على إباحَةِ الصَّيْدِ بما عَلَّمْناه وما عَلَّمَه غيرُنا، فهو فى مَعْناه، فيَثْبُتُ الحكُم بالقِياسِ الذى ذكرْناه، يُحققُه أَنَّ التَّعْليمَ إنَّما أثَّرَ فى جَعْلِه آلةً، ولا تُشْتَرَطُ (١٩) الأهْلِيَّةُ فى ذلك، كعمَلِ


(١٣) فى النسخ: "شرطا".
(١٤) فى أ، ب: "المسلم".
(١٥) فى م: "المجوسى".
(١٦) فى أزيادة: "وإسحاق".
(١٧) سورة المائدة ٤.
(١٨) فى م: "هى".
(١٩) فى م: "تشرط".

<<  <  ج: ص:  >  >>