الثاني هو (٢) المُتولِّىَ لتَدْبِيرِها، فيكونَ الضَّمانُ عليه. وإن كان مع الدَّابَّةِ قائِدٌ وسائِقٌ، فالضَّمَانُ عليهما؛ لأنَّ كُلَّ واحِدٍ لو انْفَردَ ضَمِنَ. فإذا اجْتَمَعا ضَمِنَا. وإن كان معهما أو مع أحدِهما راكبٌ، ففيه وَجْهَان؛ أحَدُهما، الضَّمانُ عليهم جميعًا، لذلك. والثانى، على الرَّاكِبِ؛ لأنَّه أقْوَى يدًا وتَصَرُّفًا. ويَحْتَمِلُ أن يكونَ على القائِدِ؛ لأنَّه لا حُكْمَ للرَّاكِبِ مع القائِدِ.
فصل: والجَمَلُ المَقْطُورُ على الجَمَلِ الذي عليه رَاكِبٌ، يَضْمَنُ جِنَايَتَه؛ لأنَّه في حُكْمِ القائدِ، فأمَّا الجَمَلُ المقْطُورُ على الجَمَلِ الثاني، فَيَنْبَغِى أن لا تُضْمَنَ جنايتُه، إلَّا أن يكونَ له سائقٌ؛ لأنَّ الرَّاكبَ الأوَّلَ لا يُمْكِنُه حِفْظُه عن الجنايةِ. ولو كانَ مع الدَّابَّةِ وَلَدُها، لم تُضْمَنْ جِنَايتُه؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه حِفْظُه.
فصل: وإن وقَفتِ الدَّابَةُ في طريقٍ ضَيِّقٍ، ضَمِنَ ما جنَتْ بيَدٍ أو رِجْلٍ أو فمٍ؛ لأنَّه مُتَعَدٍّ بوَقْفِها فيه، وإن كان الطَّرِيقُ واسعًا، ففيه روايتان؛ إحداهما، يَضْمَنُ. وهو مذهبُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ انْتفاعَه بالطَّريقِ مَشْروطٌ بالسَّلامَةِ، وكذلك لو تَرَكَ في الطَّريقِ طِينًا، فزَلَقَ به إنسانٌ، ضَمِنَه. والثانية، لا يَضْمَنُ؛ لأنَّه غيرُ (٢) مُتَعَدٍّ بوَقْفِها في الطَّريقِ الواسِعِ، فلم يَضْمَنْ، كما لو وَقَفَها في مَوَاتٍ. وفارق الطِّينَ؛ لأنَّه مُتَعَدٍّ بتَرْكِه في الطريقِ.
وجملتُه أنَّ على كُلِّ واحدٍ من المُصْطَدِمَيْنِ ضَمانَ ما تَلِفَ من الآخَرِ، من نَفْسٍ أو دَابَّةٍ، أو مالٍ، سواءٌ كانتِ الدَّابَّتانِ فَرَسَيْنِ، أو بَغْلَيْنِ، أو حِمَارَيْنِ، أو جَمَلَيْنِ، أو كان أحدُهما فَرَسًا والآخرُ غيرَه، سواءٌ كانا مُقْبِلَيْنِ، أو مُدْبِرَيْنِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ،