للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُصْنَعُ من اللَّبَنِ. وإِنْ حَلَفَ لا يأكُلُ سَمْنًا، فأكَلَ زُبْدًا، أو لَبَنًا، أو شيئًا ممَّا يُصْنَعُ من اللَّبَنِ سِوَى السَّمْنِ، لم يَحْنَثْ. وإِنْ أَكَلَ السَّمْنَ مُنْفَرِدًا، أو فى عَصِيدَةٍ، أو حَلْواءَ أو طَبِيخٍ، فظَهَرَ فيه طَعْمُه، حَنِثَ. وكذلك (٦) إذا حَلَفَ لا يَأْكُلُ لَبَنًا، فأكَلَ طَبِيخًا فيه لَبَنٌ، أو لا يَأْكُلُ خَلًّا، فأَكَلَ طَبِيخًا فيه خَلٌّ، فظهَرَ (٧) طَعْمُه فيه، حَنِثَ. وبهذا قال الشافِعِىُّ. وقال بعضُ أصحابِه: لا يَحْنَثُ؛ لأنَّه لم يُفْرِدْه بالأَكْلِ. ولا يَصِحُّ؛ لأَنَّه أَكَلَ المحلوفَ عليه، وأضافَ إليه غيرَه، فحَنِثَ، كما لو أَكَلَه ثم أكَلَ غيرَه.

فصل: وإِنْ حَلَفَ لا يأْكُلُ شَعِيرًا، فأكَلَ حِنْطَةً فيها حَبَّاتُ شعيرٍ، حَنِثَ؛ لأنَّه أكلَ شعيرًا فحَنِثَ، كما لو حَلَفَ لا يَأْكُلُ رُطَبًا، فأكَلَ مُنَصَّفًا. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يَحْنَثَ؛ لأَنَّه يُسْتَهْلَكُ فى الحِنْطَةِ، فأشْبَهَ السَّمْنَ فى الخَبِيصِ (٨). وإِنْ نَوَى بيَمِينِه أَنْ لا يأْكُلَ الشعيرَ مُنْفَرِدًا، أو كان سَبَبُ يَمِينِه يَقْتَضِى ذلك، أو يَقْتَضِى أكْلَ شعيرٍ يظْهَرُ أثرُ أكْلِه، لم يَحْنَثْ إِلَّا بذلك؛ لما قَدَّمْنا.

فصل: وإِنْ حَلَفَ لا يَأْكُلُ فاكِهَةً، حَنِثَ بأكْلِ كُلِّ ما يُسَمَّى فاكِهَةً، وهو (٩) كُلُّ ثَمَرَةٍ تَخْرُجُ من الشَّجَرِ (١٠) يُتفَكَّهُ بها، من العِنَبِ، والرُّطَبِ، والرُّمَّانِ، والسَّفَرْجَلِ، والتُفَّاحِ، والكُمَّثْرَى، والخَوخِ، والمِشْمِشِ، والأُتْرُجِّ، والتُّوتِ، والنَّبْقِ، والمَوْزِ (١١)، والجُمَّيْزِ. وبهذا قال الشافِعِىُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدُ بنُ الحسنِ. وقال أبو حنيفةَ، وأبو ثَوْرٍ: لا يَحْنَثُ بأَكْلِ ثَمَرَةِ النَّخلِ والرُّمَّانِ؛ لقولِ اللَّه تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} (١٢). والمعطوفُ يُغايِرُ المعْطوفَ عليه. ولَنا، أنهما ثَمَرَةُ شَجَرَةٍ يُتَفَكَّهُ بهما، فكانا من الفاكِهَةِ، كسائِرِ ما ذَكَرْنا، ولأنَّهما فى عُرْفِ الناسِ فاكِهَةٌ،


(٦) فى أ، ب، م: "ولذلك".
(٧) فى م: "يظهر".
(٨) فى م: "الخياص".
(٩) فى م: "وهى".
(١٠) فى م: "الشجرة".
(١١) فى م زيادة: "والجوز".
(١٢) سورة الرحمن ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>