للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالِكِها، لم يُحَرَّمْ عليه. وما ذَكَرَهُ الآمِدِىُّ من خِفَّةِ المُؤْنَةِ غيرُ صَحِيحٍ، فإنَّ الخِفَّةَ لا تُعْتَبَرُ بِنَفْسِها، وإنَّما تُعْتَبَرُ بِمَظِنَّتِها، وهو (٤) السَّوْمُ، ثمَّ يَبْطُلُ ما ذَكَرَاهُ بما إذا كانتْ مَعْلُوفَةً عِنْدَهما جَميعًا، ويَبْطُلُ ما ذَكَرَهُ القاضى بما إذا عَلَفَها مَالِكُها عَلَفًا مُحَرَّمًا، أو أَتْلَفَ شَاةً من النِّصابِ، فإنَّه مُحَرَّمٌ، وتَسْقُطُ به الزكاةُ. وأمَّا إذا غَصَبَ ذَهَبًا فصَاغَه حَلْيًا، فلا يُشْبِه ما اخْتَلَفْنَا فيه، فإنَّ العَلَفَ فَاتَ به شَرْطُ الوُجُوبِ، والصِّيَاغَةُ لم يَفُتْ بها شىءٌ، وإنَّما اخْتُلِفَ فى كَوْنِها مُسْقِطَةً بِشَرْطِ كَوْنِها مُبَاحَةً، فإذا كانت مُحَرَّمَةً لم يُوجَدْ شَرْطُ الإِسْقَاطِ، ولأنَّ المالِكَ لو عَلَفَها عَلَفًا مُحَرَّمًا لَسَقَطَتِ الزكاةُ، ولو صَاغَها صِيَاغَةً مُحَرَّمةً، لم تَسْقُطْ، فَافْتَرَقَا، ولو غَصَبَ حَلْيًا مُبَاحًا، فكَسَرَهُ، أو ضَرَبَهُ دَرَاهِمَ، أو دَنَانِيرَ، وَجَبَتْ فيه الزكاةُ؛ لأنَّ المُسْقِطَ لِلزكاةِ زَالَ. فوَجَبَتِ الزكاةُ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا تَجِبَ، كما لو غَصَبَ مَعْلُوفَةً فأسَامَها. ولو غَصَبَ عُرُوضًا، فاتَّجَرَ فيها، لم تَجِبْ فيها الزكاةُ؛ لأنَّ نِيَّةَ التِّجارَةِ شَرْطٌ، ولم تُوجَدْ من المالِكِ، وسَوَاءٌ كانتْ للتِّجَارَةِ عند مالِكِها، أو لم تَكُنْ، لأنَّ بَقَاءَ النِّيَّةِ شَرْطٌ، ولم يَنْوِ التِّجارَةَ بها عند الغاصِبِ. ويَحْتَمِلُ أن تَجِبَ فيها (٥) الزكاةُ إذا كانت لِلتِّجَارَةِ عندَ مَالِكِها، واسْتَدَامَ النِّيةَ؛ لأنَّها لم تَخْرُجْ عن مِلْكِه بِغَصْبِها، وإن نَوَى بها الغاصِبُ القُنْيَةَ. وكلُّ مَوْضِعٍ أوْجَبْنا الزكاةَ، فعلَى الغاصِبِ ضَمَانُها؛ لأنَّه نَقْصٌ حَصَلَ فى يَدِه، فوَجَبَ عليه ضَمَانُه، كتَلَفِهِ.

فصل: إذا ضَلَّتْ واحِدَةٌ من النِّصابِ، أو أكْثَرُ، أو غُصِبَتْ، فنَقَصَ النِّصابُ، فالحُكْمُ فيه كما لو ضَلَّ جَمِيعُه أو غُصِبَ. لكنْ إن قُلْنَا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ، فعليه الإِخْرَاجُ عن المَوْجُودِ عندَه. وإذا رَجَعَ الضَّالُّ أو المَغْصُوبُ، أخْرَجَ عنه، كما لو رَجَعَ جَمِيعُه.


(٤) فى م: "وهى".
(٥) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>