للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو مُحْرِمٌ، حتى إذا كان بالرَّوْحَاءِ (١٨)، إذا حِمَارٌ وَحْشِيٌّ عَقِيرٌ، فجاء البَهْزِيُّ وهو صَاحِبُه، فقال: يا رسولَ اللَّه، شَأْنَكم بهذا الحِمَارِ. فأمَرَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبا بكرٍ فقَسَمَهُ بين الرِّفَاقِ. وهو حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وأحَادِيثُهم إن لم يَكُنْ فيها ذِكْرُ أنَّه صِيدَ من أجْلِهم، فيتَعيَّنُ (١٩) ضَمُّ هذا القَيْدِ إليها لِحَدِيثِنا، وجَمْعًا بين الأحادِيثِ، ودَفْعًا لِلتَّنَاقُضِ عنها، ولأنَّه صِيدَ لِلْمُحْرِمِ، فحُرِّمَ، كما لو أمَرَ أو أعَانَ.

فصل: وما حَرُمَ على المُحْرِمِ، لِكَوْنِه صِيدَ من أجْلِه، أو دَلَّ عليه، أو أعَانَ عليه، لم يَحْرُمْ على الْحَلالِ أكْلُه؛ لِقَوْلِ علىٍّ، أَطْعِمُوهُ حَلالًا (٢٠). وقد بَيَّنَّا حَمْلَهُ على أنَّه صِيدَ من أجْلِهم، وحَدِيثِ الصَّعبِ بن جَثَّامَةَ، حين رَدَّ النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصَّيْدَ عليه، ولم يَنْهَهُ عن أكْلِه. ولأنَّه صَيْدٌ حَلالٌ، فأُبِيحَ لِلْحَلالِ أكْلُه، كما لو صِيدَ لهم. وهل يُبَاحُ أكْلُه لِمُحْرِمٍ آخَرَ؟ ظَاهِرُ الحَدِيثِ إبَاحَتُه له؛ لِقَوْلِه: "صَيْدُ البَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ، مَا لَمْ تَصِيدُوهُ، أو يُصَدْ لَكُمْ". وهو قولُ عثمانَ بن عفانَ، رَضِىَ اللهُ عنه؛ لأنَّه رُوِىَ أنَّه أُهْدِىَ إليه صَيْدٌ، وهو مُحْرِمٌ، فقال لأصْحَابِه: كُلُوا. ولم يَأْكُلْ هو، وقال: إنَّما صِيدَ من أجْلِى (٢١). ولأنَّه لم يُصَدْ من أجْلِه، فحَلَّ له كما لو (٢٢) صَادَهُ الْحَلالُ لِنَفْسِه. ويَحْتَمِلُ أن يَحْرُمَ عليه. وهو ظَاهِرُ قَوْلِ عليٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه؛ لِقَوْلِه: أطْعِمُوهُ حَلالًا، فإنَّا حُرُمٌ (٢٠). ولِقَوْلِ


(١٨) الروحاء: موضع بين مكة والمدينة، من عمل الفرع، على نحو من أربعين ميلا. معجم البلدان
٢/ ٨٢٨، ٨٢٩.
(١٩) في م: "فتعين".
(٢٠) تقدم في الصفحة السابقة.
(٢١) أخرجه الإمام مالك، في: باب ما لا يحل للمحرم. . .، من كتاب الحج. الموطأ ١/ ٣٥٤. والبيهقي، في: باب ما لا يأكل المحرم. . .، من كتاب الحج. السنن الكبرى ٥/ ١٩١. والبغوى، في: باب جواز أكل لحم الصيد. . .، من كتاب الحج. شرح السنة ٧/ ٢٦٤.
(٢٢) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>