للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمُعِيرِ، قُبِلَتْ شَهادَتُه؛ لأنَّه لا يَجُرُّ بها نَفْعًا، ولا يَدْفَعُ بها ضَرَرًا، وإن قال: أذِنْتَ لى في رَهْنِه بِعَشرَةٍ. قال: بل بِخَمْسَةٍ. فالقولُ قولُ المالِكِ؛ لأنَّه مُنْكِرٌ للزِّيَادَةِ. وبهذا قال الشَّافِعِيِّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحَابُ الرَّأْيِ. وإن كان الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، فقَضَاهُ حَالًّا بإذْنِه، رَجَعَ به حَالًّا، وإن قَضَاهُ بغيرِ إذْنِه، فقال القاضي: يَرْجِعُ به حَالًّا أيضا؛ لأنَّ (٣٦) له المُطَالَبَةَ بفَكَاكِ عَبْدِه في الحال.

فصل: ولو اسْتَعَارَ من رَجُلٍ عَبْدًا لِيَرْهَنَهُ بمائةٍ، فرَهَنَهُ عند رَجُلَيْنِ، صَحَّ، لأنَّ تَعْيِينَ ما يَرْهَنُ به ليس بِشَرْطٍ، فكذلك مَن يَرْهَنُ عندَه، ولأنَّ رَهْنَهُ من رَجُلَيْنِ أقَلُّ ضَرَرًا مِن رَهْنِه عند رجلٍ (٣٧) واحِدٍ؛ لأنَّه يَنْفَكُّ منه بعضُه بِقَضَاءِ بعض (٣٧) الدَّيْنِ، بِخِلَافِ ما لو كان رَهْنًا عند وَاحِدٍ. فعلى هذا، إذا قَضَى أحَدُهُما ما عليه من الدَّيْنِ، خَرَجَ نَصِيبُه من الرَّهْنِ، لأنَّ عَقْدَ الواحِدِ مع الاثْنَيْنِ عَقْدَانِ في الحَقِيقَةِ. ولو اسْتَعَارَ عَبْدًا من رَجُلَيْنِ، فرَهَنَهُ عند واحِدٍ بمائةٍ، فقَضَاهُ نِصْفَها عن أحَدِ النَّصِيبَيْنِ، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، لا يَنْفَكُّ من الرَّهْنِ شيءٌ؛ لأنَّه عَقْدٌ واحِدٌ، من رَاهِنٍ واحِدٍ، مع مُرْتَهِنٍ واحِدٍ، فأشْبَهَ ما لو كان العَبْدُ لِوَاحِدٍ. والثانى، يَنْفَكُّ نِصْفُ العَبْدِ، لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما إنَّما أُذِنَ في رَهْنِ نَصِيبِه بِخَمْسِينَ، فلا يكونُ رَهْنًا بأكْثَرَ منها، كما لو صَرَّحَ له بذلك، فقال: ارْهَنْ نَصِيبِى بِخَمْسِينَ، لا تَزِدْ عليها. فعلى هذا الوَجْهِ، إن كان المُرْتَهِنُ عَالِمًا بذلك، فلا خِيَارَ له، وإن لم يكن عَالِمًا بذلك (٣٨)، والرَّهْنُ مَشْرُوطٌ في بَيْعٍ، احْتَمَلَ أن يكونَ له الخِيَارُ؛ لأنَّه دَخَلَ على أنَّ كلَّ جُزْءٍ من الرَّهْنِ وَثِيقَةٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وقد فَاتَهُ ذلك، [واحْتَمَلَ أن لا يكونَ له خِيارٌ؛ لأنَّ الرَّهْنَ سُلِّمَ لَهُ كُلُّه بالدَّيْنِ كُلِّه، وهو دَخَلَ على ذلك] (٣٩)


(٣٦) في م: "لأنه".
(٣٧) سقط من: الأصل، م.
(٣٨) سقط من: أ.
(٣٩) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>