للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للاسْتِيفاءِ، أُمِرُوا بتَوْكِيلِ أحَدِهم، أو واحدٍ من غيرهم، ولم يَجُزْ أن يتَوَلَّاه (٥٧) جَمِيعهُمْ؛ لما فيه من تَعْذِيبِ الجانِى، وتَعَدُّدِ أفْعالِهم. فإن لم يَتَّفِقُوا على واحدٍ، وتَشاحُّوا، وكان كلُّ واحدٍ منهم يُحْسِنُ الاسْتِيفاءَ، أُقْرِعَ بينهم؛ لأنَّ الحُقُوقَ إذا تساوَتْ وعُدِمَ التَّرْجِيحُ، صِرْنا إلى القُرْعةِ، كما لو تَشَاحُّوا في تَزْويجِ مُوَلِّيَتِهم، فمن خَرَجَتْ له القُرْعةُ، أُمِرَ الباقُونَ بتَوْكِيله، ولا يجوزُ له الاسْتِيفاءُ بغيرِ إذْنِهِم؛ لأنَّ الحَقَّ لهم، فلا يجوزُ اسْتيفاؤُه بغيرِ إذْنِهِم. وإن لم يَتّفِقُوا على تَوكيلِ واحدٍ، مُنِعُوا الاسْتِيفاء حتى يُوَكِّلُوا.

١٤٣٨ - مسألة؛ قال: (وإنْ كَانَتِ الْجِرَاحُ بَرَأَتْ قَبْلَ قَتْلِه، فَعَلَى الْمَعْفُوِّ عَنْهُ ثَلَاثُ دِيَاتٍ، إلَّا أنْ يُرِيدُوا الْقَوَدَ، فيُقِيدُوا (١) وَيأْخُذُوا مِنْ مَالِهِ دِيَتَيْنِ)

أمَّا إذا قَطَعَ يَدَيْه ورِجْلَيْه فَبَرَأتْ جِراحُه، ثم قَتَلَه، فقد اسْتَقَرَّ حُكْمُ القَطْعِ، ولِوَلِىِّ القَتِيلِ الخِيارُ، إن شاء عَفَا وأَخَذَ ثَلاثَ دِياتٍ؛ دِيَةً لنَفْسِه، ودِيَةً ليَدَيْه، ودِيَةً لِرِجْلَيْهِ، وإن شاء قَتَلَه قِصاصًا بالقَتْلِ، وأخذ دِيَتَيْنِ لأَطْرافِه. وإن أحَبَّ قَطَعَ أَطْرافَه الأرْبعةَ، وأخَذَ دِيةً لنَفْسِه. وإن أحَبَّ قَطَعَ يَدَيْه، وأخَذَ دِيَتَيْنِ لنَفْسِه ورِجْلَيْه. وإن أحبَّ قَطَعَ رجْلَيْه، وأخذَ دِيَتَيْنِ لنَفْسِه ويَدَيْه. وإن أحَبَّ قَطَعَ طَرَفًا واحدًا، وأخذ دِيَةَ الباقِى. وإن أحبَّ قَطَعَ ثلاثةَ أطْرافٍ، وأخَذَ دِيَةَ الباقِى. وكذلك سائرُ فُرُوعِها؛ لأنَّ حُكْمَ القَطْعِ اسْتَقَرَّ قبلَ القَتْلِ بالانْدِمالِ، فلم يتغَيَّرْ حُكْمُه بالقَتْلِ الحادِث بعدَه، كما لو قَتَلَه أجْنَبِىٌّ، ولا نعلمُ في هذا مُخالِفًا.

فصل: فإن اختلَفَ الجانِى والوَلِىُّ في انْدِمالِ الجُرْحِ قبلَ القَتْلِ، وكانت المُدَّةُ بينهما يَسِيرةً، لا يَحْتَمِلُ انْدِمالَه في مثلِها، فالقولُ قولُ الجانِى بغيرِ يَمِينٍ. وإن اختلَفا في


(٥٧) في الأصل: "يتولا".
(١) في ب، م: "فقيدوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>