للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالمَرِيضِ.

فصل: والأفْضَلُ لِلْمُسَافِرِ حُضُورُ الجُمُعَةِ؛ لأنَّها أكْمَلُ. فأمَّا العَبْدُ فإن أذِنَ له سَيِّدُه في حُضُورِها فهو أفْضَلُ؛ لِيَنالَ فَضْلَ الجُمُعَةِ وثَوابَها، ويَخْرُجَ من الخِلافِ. وإن مَنَعَهُ سَيِّدُه لم يَكُنْ له حُضُورُها، إلَّا أن نَقُولَ بوُجُوبِها عليه. وأما المرأةُ فإن كانت مُسِنَّةً فلا بَأْسَ بحُضُورِها، وإن كانت شابَّةً، جازَ حُضُورُها، وصلاتُهُما (٢) في بُيُوتِهِما خَيْرٌ لهما، كما رُوِىَ في الخَبَرِ: "وبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ" (٣). وقال أبو عمرٍو الشَّيْبَانِىُّ (٤): رَأيْتُ ابنَ مَسْعُودٍ يُخْرِجُ النِّساءَ من الجامِعِ يوم الجُمُعَةِ، يقول: اخْرُجْنَ إلى بُيُوتِكُنَّ خَيْرٌ لَكُنَّ.

فصل: ولا تَنْعَقِدُ الجُمُعَةُ بأحَدٍ من هؤلاءِ، ولا يَصِحُّ أن يَكُونَ إمامًا فيها. وقال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِىُّ: يَجُوزُ أن يكونَ العَبْدُ والمُسَافِرُ إمَامًا فيها. وَوَافَقَهُم مالِكٌ في المُسافِرِ. وحُكِىَ عن أبي حنيفةَ أنَّ الجُمُعَةَ تَصِحُّ بالعَبِيدِ والمُسافِرِينَ؛ لأنَّهم رِجالٌ تَصِحُّ منهم الجُمُعَةُ. ولَنا، أنَّهم مِن غيرِ أهْلِ فَرْضِ الجُمُعَةِ، فلم تَنْعَقِد الجُمُعَةُ بهم، ولم يَجُزْ أن يَؤُمُّوا فيها، كالنِّساءِ والصِّبْيانِ، ولأنَّ الجُمُعَةَ إنَّما تَنْعَقِدُ بهم تَبَعًا لمن انْعَقَدَتْ به، فلو انْعَقَدَتْ بهم [أو كانوا أئِمةً فيها صَارَ التَّبَعُ مَتْبُوعًا، وعليه يخرجُ الحُرُّ المُقِيمُ، ولأنَّ الجُمُعَةَ لو انْعَقَدَتْ بهم] (٥) لانْعَقَدَتْ بهم مُنْفَرِدينَ، كالأحْرَارِ المُقِيمِينَ، وقِيَاسُهم مُنْتَقِضٌ بالنِّساءِ والصِّبْيانِ.

فصل: فأمَّا المَرِيضُ، ومَن حَبَسَهُ العُذْرُ من المَطَرِ والخَوْفِ، فإذا تَكَلَّفَ حُضُورَها وَجَبَتْ عليه، وانْعَقَدَتْ به، ويَصِحُّ أن يكونَ إمامًا فيها؛ لأنَّ سُقُوطَها


(٢) في الأصل: "وصلواتهما".
(٣) تقدم تخريجه في صفحة ٣٩.
(٤) أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيبانى، صاحب ديوان اللغة والشعر، وكان صدوقا، توفى سنة ست ومائتين. تاريخ العلماء النحويين ٢٠٧، ٢٠٨.
(٥) سقط من: أ. نقلة نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>