للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو أكْثَرَ، فالمُضَارَبةُ بِحَالِها، والرِّبْحُ بينهما على شَرْطِهِما؛ لأنَّه وُجِدَ بَدَلٌ عن رَأْسِ المالِ، فهو كما لو وَجَدَ بَدَلَه بالبَيْعِ، وإن كان في العَبْدِ رِبْحٌ، فالقصَاصُ إليهما، والمُصَالَحةُ كذلك؛ لكَوْنِهما شَرِيكَيْنِ فيه. والحُكْمُ في انْفِساخِ المُضَارَبةِ وبَقَائِها على ما تَقَدَّمَ.

٨٣٤ - مسألة؛ قال: (وَلَيْسَ لِلْمُضارِبِ رِبْحٌ حَتَّى يَسْتَوْ فِىَ رَأْسَ الْمَالِ)

يَعْنِى أنَّه لا يَسْتَحِقُّ أخْذَ شيءٍ من الرِّبْحِ حتى يُسَلِّمَ رَأْسَ المالِ إلى رَبِّهِ، ومتى كان في المالِ خُسْرانٌ ورِبْحٌ، جُبِرَتِ الوَضِيعَة من الرِّبْحِ، سواءٌ كان الخُسْرانُ والرِّبْحُ في مَرَّةٍ واحِدَةٍ، أو الخُسْرانُ في صَفْقَةٍ والرِّبْحُ في أُخْرَى، أو أحَدُهما في سَفْرَةٍ والآخَرُ في أُخْرَى؛ لأنَّ مَعْنَى الرِّبْحِ هو الفاضِلُ عن رَأْسِ المالِ، وما لم يَفْضل فليس بِرِبْحٍ. ولا نَعْلَمُ في هذا خِلَافًا، وأما مِلْكُ العامِلِ لِنَصِيبِه من الرِّبْحِ بمُجَرَّدِ الظُّهُورِ قبلَ القِسْمَةِ، فظَاهِرُ المذهبِ أنَّه يَثْبُتُ. هذا الذي ذَكَرَه القاضي مَذْهَبًا. وبه قال أبو حنيفةَ. وحَكَى أبو الخَطَّابِ رِوَايَةً أُخْرَى، أنَّه لا يَمْلِكُه إلَّا بالقِسْمَةِ. وهو مذهبُ مالِكٍ. وللشَّافِعِىِّ قَوْلانِ، كالمَذْهَبَيْنِ. واحْتَجَّ مَن لم يُمَلِّكْه بأنه لو مَلَكَهُ لاخْتَصَّ برِبْحِه، ولوَجَبَ أن يكونَ شَرِيكًا لِرَبِّ المالِ، كشَرِيكَىِ العِنَانِ. ولَنا، أن الشَّرْطَ صَحِيحٌ، فيَثْبُتُ مُقْتَضَاهُ، وهو أن يكونَ له جُزْءٌ من الرِّبْحِ، فإذا وُجدَ يَجِبُ أن يَمْلِكَهُ بحُكْمِ الشَّرْطِ، كما يَمْلِكُ المُسَاقِى حِصَّتَهُ من الثمَرَةِ بظُهورِها (١)، وقِياسًا على كل شَرْطٍ صَحِيحٍ في عَقْدٍ، ولأنَّ هذا الرِّبْحَ مَمْلُوكٌ، فلا بُدَّ له من مالِكٍ، ورَبُّ المالِ لا يَمْلِكُه اتِّفاقًا، ولا تَثْبُتُ أحْكامُ المِلْكِ في حَقِّه، فلَزِمَ أن يكونَ لِلْمُضَارِبِ، ولأنَّه يَمْلِكُ المُطَالبةَ بالقِسْمَةِ؛ فكان مالِكًا كأحَدِ شَرِيكَىِ العِنَانِ. ولا يَمْتنِعُ (٢) أن يَمْلِكَه، ويكونَ وقَايةً لِرَأْسِ (٣) المالِ، كنَصِيبِ ربِّ (٤) المالِ من الرِّبْحِ، وبهذا امْتَنَعَ اخْتِصَاصُه بِرِبْحِه، ولأنَّه


(١) في أ، ب، م: "لظهورها".
(٢) في الأصل، ب، م: "يمنع".
(٣) في الأصل: "رأس".
(٤) في أ، م: "رأس".

<<  <  ج: ص:  >  >>