للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقُدِّمَ أحَدُهما بالقُرْعةِ، فإذا قُدِّمَ بها، ثم اخْتارَ الآخَرَ، رُدَّ إليه؛ لأنَّنا قَدَّمْنا اخْتِيارَه الثاني على الأوَّلِ، فعلى القُرْعةِ التي (١١) هي بَدَلٌ أَوْلَى.

فصل: فإن كان الأبُ مَعْدُومًا، أو من غيرِ أهْلِ الحَضانةِ، وحَضَرَ غيرُه من العَصَباتِ، كالأخِ والعَمِّ وابْنِه، قامَ مَقامَ الأبِ، فيُخَيَّرُ الغلامُ بين أُمِّه وعَصَبَتِه؛ لأنَّ عَلِيًّا، رَضِىَ اللَّه عنه، خَيَّرَ عُمارةَ الجَرْمِىَّ بين أُمِّه وعَمِّه. ولأنَّه عَصَبةٌ، فأشْبَهَ الأبَ. وكذلك إن كانت الأُمُّ (١٢) مَعْدومةً، أو من غيرِ أهلِ الحَضانةِ، فسُلِّمَ (١٣) إلى الجَدَّةِ، خُيِّرَ الغلامُ بينها وبينَ أبِيه، أو مَنْ يقومُ مَقامَه من العَصَباتِ، فإن كان الأبَوانِ مَعْدومَيْنِ، أو من غيرِ أهلِ الحضانةِ، فسُلِّمَ إلى امْرأةٍ، كأُخْتِه أو عَمَّتِه (١٤) أو خالَتِه، قامتْ مقامَ أُمِّه، في التَّخْيِيرِ بينها وبينَ عَصَباتِه، للمعنى الذي ذكَرْناه في الأبوَيْنِ. فإن كان الأبوان رَقِيقَيْنِ، وليس له أحَدٌ من أقارِبه سِواهُما، فقال القاضي: لا حَضانةَ لهما عليه، ولا نفقةَ له عليهما، ونفَقَتُه في بيتِ المالِ، ويُسَلَّمُ إلى من يَحْضُنُه من المسلمين.

فصل: وإنَّما يُخَيَّرُ الغلامُ بشَرْطَيْنِ؛ أحدهما، أن يكوَنا جميعًا من أهلِ الحضانةِ، فإن كان أحَدُهما من غيرِ أهلِ الحضانةِ، كان كالمَعْدُومِ، ويُعَيَّنُ الآخرُ. الثاني، أن لا يكونَ الغلامُ مَعْتُوهًا، فإن كان مَعْتُوهًا كان عندَ الأُمِّ، ولم يُخَيَّرْ؛ لأنَّ المَعْتُوهَ بمنزلةِ الطِّفْلِ وإن كان كبيرًا، ولذلك كانت الأُمُّ أحَقَّ بكفالةِ ولَدِها المَعْتُوهِ بعدَ بُلُوغِه. ولو خُيِّرَ الصَّبِىُّ، فاختار أباه، ثم زال عَقْلُه، رُدَّ إلى الأُمِّ، وبَطَلَ اختيارُه؛ لأنَّه إنما خُيِّرَ حين اسْتَقَلَّ بنَفْسِه، فإذا زال اسْتِقْلالُه بنفسِه، كانت الأُمُّ أوْلَى؛ لأنَّها أشْفَقُ عليه، وأقْوَمُ بمَصالِحِه (١٥)، كما في حالِ طُفُولِيَّتِه.


(١١) سقط من: ب.
(١٢) في أ، ب، م: "أمه".
(١٣) في الأصل: "فيسلم".
(١٤) في أ، ب، م: "وعمته".
(١٥) في أ: "بمصلحته".

<<  <  ج: ص:  >  >>