للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حالِه قَصْدُ (١٠) قَطْعِ المِنَّةِ (١١)، فلا يُلْتَفَتُ إلى نِيَّتِة المُخالِفَةِ للظَّاهِرَيْنِ، والأوَّل أصَحُّ؛ لأَنَّ السبَبَ إنَّما اعْتُبِرَ لدِلالَتِه على القَصْدِ، فإذا خالَفَ حَقِيقَةَ القَصْدِ، لم يُعْتَبَرْ، وكان وجودُه كعَدَمِه، فلم يَبْقَ إِلَّا اللَّفْظُ (١٢) بعمُومِه، والنِّيَّةُ تخُصُّه، على ما بَيَّنَّاهُ فيما مَضَى.

١٨٢٩ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ حَلَفَ أَنْ (١) لَا يَسْكنَ دَارًا هُوَ سَاكِنُهَا، خرَجَ مِنْ وَقْتِهِ، وإِنْ تَخَلَّفَ عَنِ الْخُرُوجِ مِنْ وَقْتِهِ، حَنِثَ)

وجملةُ ذلك أَنَّ ساكِنَ الدَّارِ إذا حَلَفَ لا يَسْكُنُها، فمتى أقامَ فيها بعدَ يَمِينِه زمنًا يُمْكِنُه فيه الخُروجُ، حَنِثَ؛ لأَنَّ اسْتِدامَةَ السُّكْنَى كابْتِدائِها، فى وقُوعِ اسمِ السُكْنَى عليها، ألا تَراهُ يقول: سَكَنْتُ هذه الدَّارَ شهرًا. كما يقول: لبِسْتُ هذا الثَّوْبَ شَهْرًا؟ وبهذا قال الشافِعِىُّ. وإِنْ أقامَ لنَقْلِ رَحْلِه وقُماشِهْ، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّ الانْتِقالَ لا يكونُ إِلَّا بالأهْلِ والمالِ، فيَحْتاجُ أن ينْقُلَ ذلك معه، حتى يكونَ مُنْتَقِلًا. ويُحْكَى (٢) عن مالِكٍ، أنَّه إِنْ أقامَ دونَ اليومِ واللَّيْلَةِ، لم يَحْنَثْ؛ لأَنَّ ذلك قليلٌ يحْتاجُ إليه فى الانْتِقالِ، فلم يَحْنَثْ به. وعن زُفَرَ، أنَّه قال: يَحْنَثُ وإِنْ انْتَقَلَ فى الحالِ؛ لأَنَّه لابُدَّ (٣) أَنْ يكونَ ساكِنًا عَقِيبَ يَمِينِه ولو لَحْظَةً، فيَحْنَثُ بها. وليس بصَحيحٍ؛ فإِنَّ ما لا يُمْكِنُ الاحْتِرِازُ منه لا يُرادُ باليمينِ، ولا يقَعُ عليه، وأمَّا إذا أقامَ زمنًا يُمْكِنُه الانْتِقالُ فيه، فإنَّه يَحْنَثُ؛ لأَنَّه فعلَ ما يَقَعُ عليه اسمُ السُّكْنَى، فحَنِثَ به، كمَوْضِعِ الاتِّفاقِ، ألا تَرَى أنَّه لو حَلَفَ لا يَدْخُلُ الدَّارَ، فدَخَلَ إلى أوَّلِ جُزْءٍ منها، حَنِثَ، وإِنْ كان قَليلًا؟

فصل: وإِنْ أقامَ لِنَقْلِ مَتاعِه وأَهْلِه، لم يَحْنَثْ. وبه قال أبو حنيفةَ. وقال الشافِعِىُّ: يَحْنَثُ. ولَنا، أَنَّ الانْتِقالَ إنَّما يكونُ بالأَهْلِ والمالِ، على ما سَنَذْكُرُه، فلا يُمْكِنُه التَّحَرُّزُ


(١٠) سقط من: م.
(١١) فى م: "النية".
(١٢) فى م: "لفظه".
(١) سقط من: م.
(٢) فى ب، م: "وحكى".
(٣) فى ب، م زيادة: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>