فصل: وإذا ذَكَرَتِ النَّاسِيَةُ عَادَتَها بعدَ جُلُوسِها في غيرِه، رَجَعَتْ إلى عَادَتِها؛ لأنَّ تَرْكَهَا لِعَارِضِ النِّسْيَانِ، فإذا زَالَ العَارِضُ عادَتْ إلى الأصْلِ. وإنْ تَبَيَّنَ أنَّها كانتْ تَرَكَتِ الصَّلاةَ في غير عَادَتها، لَزِمَها إعادَتُها، ويَلْزَمُها قَضَاءُ ما صَامَتْهُ مِن الفَرْضِ في عَادَتِها، فلو كانتْ عادَتُها ثلاثةً مِن آخِرِ العَشْرِ الأُوَلِ، فجَلَسَت السَّبْعَةَ التي قَبْلَها مُدَّةً، ثم ذَكَرَتْ، لَزِمَها قَضَاءُ ما تركتْ مِن الصَّلاةِ والصِّيامِ المَفْرُوضِ في السَّبْعةِ، وقَضَاءُ ما صَامَتْ مِن الفَرْضِ في الثَّلاثةِ؛ لأنَّها صَامَتْهُ في زَمَنِ حَيْضِها.
هذا النَّوْعُ الثَّانِى مِن القِسْمِ الرَّابِعِ؛ وهى مَنْ لا عادَةَ لها ولا تَمْيِيزَ، وهى التي بَدَأ بها الحَيْضُ ولم تكنْ حَاضَتْ قَبْلَه؛ والمشهورُ عن أحمدَ فيها أنَّها تَجْلِسُ إذا رأَتِ الدَّمَ، وهى مِمَّنْ يُمْكِنُ أنْ تَحِيضَ، وهى التي لها تِسْعُ (١) سِنِينَ فصاعِدًا، فتتْرُكُ الصَّوْمَ والصلاةَ؛ فإنْ زادَ الدَّمُ على يومٍ وليلةٍ، اغْتَسَلَتْ عَقِيبَ اليومِ والليلةِ، وتَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صلاةٍ، وتُصَلِّى، وتَصُومُ. فإنِ انْقَطَعَ الدَّمُ لأكْثَرِ الحَيْضِ فما دونَ، اغْتَسَلَتْ غُسْلًا ثانيًا عِنْدَ انْقِطَاعِه، وصَنَعَتْ مِثْلَ ذلك في الشهرِ الثَّانِى والثَّالِثِ، فإنْ كانتْ أيَّامُ الدَّمِ في الأشْهُرِ الثَّلَاثَةِ مُتَسَاوِيَةً، صار ذلك عادةً؛ وعَلِمْنَا أنَّها كانتْ حَيْضًا، فيَجِبُ عليها قضاءُ ما صامَتْ مِن الفَرْضِ؛ لأنَّا تَبَيَّنَا أنَّها صَامتْهُ في زَمَنِ الحَيْض. قال القَاضى: المذهبُ عِنْدِى في هذا روَايةٌ وَاحِدَةٌ. قال: وأصحابُنا يَجْعَلُون في قَدْرِ ما تَجْلِسُه المُبْتَدَأَةُ في الشَّهْرِ الأوَّلِ أربَعَ رِواياتٍ: إحْدَاهُنَّ، أَنَّها تَجْلِسُ أقَلَّ الحَيْضِ، والثَّانِيَةُ غَالِبَهُ، والثَّالِثَةُ أكْثَرَهُ، والرَّابِعَةُ عادَةَ نِسَائِها. قال: وليس ههنا مَوْضِعُ الرِّوَايَاتِ، وإنَّما مَوْضِعُ ذلك إذا اتَّصَلَ الدَّمُ، وحَصَلَتْ