للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدَيْهِ، وإذا ركعَ، وبعدَ ما يَرْفَعُ رأسَه مِن الركوعِ. ولأنَّه رَفْعٌ، فلا يُشْرَعُ في غيرِ حالَةِ القِيَامِ، كرَفْعِ الرُّكوعِ والإِحْرامِ. والثَّانِيَةُ، يَبْتَدِئُه حين يَبْتَدِئُ رَفْعَ رأسِه؛ لِأنَّ أبا حُمَيْدٍ (٢) قال في صِفَةِ صَلاةِ رسولِ اللهِ - صلى اللهِ عليه وسلم -: ثم قال: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَه. ورَفَعَ يديهِ. وفي حديثِ ابْنِ عمرَ المُتَّفَقِ عليه: كانَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا افْتَتَحَ الصلاةَ رَفَعَ يديهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وإذا كَبَّرَ لِلركوعِ وإذا رَفَعَ رأسهُ مِن الركرعِ رَفَعَهُمَا كذلك، ويقولُ: "سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ". وظَاهِرُهُ أنَّه رَفَعَ يديهِ حين أَخَذَ في رَفْعِ رأسهِ. كقولِه: "إذا كَبَّرَ"، أىْ أَخَذَ فِي التَّكْبِيرِ، ولِأنَّه حِينَ الانْتِقَالِ، فَشُرِعَ الرَّفْعُ منه كحالِ الرُّكُوعِ، ولأنَّه مَحَلُّ رَفْعِ المَأْمُومِ، فكانَ مَحَلًّا لرَفْعِ الإِمامِ كالركوعِ، ولا تَخْتَلِفُ الروايةُ في أنَّ المَأْمُومَ يَبْتَدِئُ الرفع عندَ رَفْعِ رأسِه، لأنَّه ليس في حَقِّهِ ذِكْرٌ بعدَ الاعْتدالِ، والرَّفْعُ إنما جُعِلَ [هَيْئَةً للذِّكرِ] (٣)، بخِلَافِ الإمامِ، ثم يَنْتَصِبُ قائِمًا ويَعْتَدِلُ، قال أبو حُمَيْدٍ، في صِفَةِ صلاةِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإذَا رَفَعَ رأْسهُ اسْتَوَى قائِمًا، حتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ إلى مَكَانِه. [رَوَاهُ البُخارِىُّ] (٤). وقالت عائشةُ رَضِىَ اللَّه عنها، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: كان إذا رَفَعَ رأسهُ مِن الرُّكُوعِ لم يَسْجُدْ حتَّى يَسْتَوِىَ قَائِمًا. رَوَاه مُسْلِمٌ (٥). وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- للْمُسِىءِ في صلاتِهِ: "ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا". مُتَّفَقٌ عليه (٦).

فصل: وهذا الرَّفْعُ والاعْتِدَالُ عنه واجبٌ، وبه قال الشَّافِعىُّ، وقال أبو حنيفةَ، وبعضُ أصحابِ مالكٍ: لا يَجِبُ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى لم يَأْمُرْ به، وإنَّمَا أمَرَ


(٢) تقدم تخريج حديث أبى حميد، في صفحة ١٢٢.
(٣) في م: "هيئة الذكر".
(٤) في م: "متفق عليه"، وتقدم في صفحة ١٢٢.
(٥) في: باب ما يجمع صفة الصلاة. . . . إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم ٧/ ٣٥٧، ٣٥٨. كما أخرجه أبو داود، في: باب من لم ير الجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٨٠، ١٨١. وابن ماجه، في: باب الجلوس بين السجدتين، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٢٨٨. والإمام أحمد، في: المسند ٦/ ٣١، ١٩٤.
(٦) تقدم تخريجه في حاشية صفحة ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>