للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ومن الغارِمينَ صِنْفٌ يُعْطَوْنَ مع الغِنَى، وهو مَن (٦) غَرِمَ لإِصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ، وهو أن يَقَعَ بين الحَيَّيْنِ وأهلِ القَرْيَتينِ عداوةٌ وضَغائِنُ، يَتْلَفُ فيها نَفْسٌ أو مالٌ، ويَتَوَقّفُ صُلْحُهُم على مَنْ يَتَحَمَّلُ ذلك، فيَسْعَى إنسانٌ فى الإِصْلاحِ بينهم، ويَتَحَمّلُ الدِّماءَ التى بينهم والأموالَ، فيُسَمَّى ذلك حَمَالَة، بفتح الحاء، وكانت العربُ تَعْرِفُ ذلك، وكان الرجلُ منهم يَتَحَمَّلُ الحَمَالةَ، ثم يَخْرُجُ فى القبائلِ فيَسْأَلُ (٧) حتى يُؤَدِّيَها، فوَرَدَ الشَّرْعُ بإباحةِ المَسْألةِ فيها، وجَعَلَ لهم (٨) نصيبًا من الصَّدقةِ، فرَوَى قَبِيصَةُ بن المُخارِقِ، قال: تَحَمَّلْتُ حَمالةً، فأتَيْتُ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسأَلْتُه فيها، فقال: "أقِمْ يَا قَبِيصَةُ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فنَأْمُرَ لَكَ بِهَا". ثم قال: "يَا قَبِيصَةُ، إنَّ المَسْألةَ لا تَحِلُّ إلَّا لِثلَاثةٍ؛ رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمالَةً فَيَسْأَلُ فِيهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ، ورَجُلٍ أصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ، أوْ قِوامًا مِنْ عَيْشٍ، ورَجُلٍ أصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَشْهَدَ (٩) ثَلَاثةٌ مِنْ ذَوِى الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ، لَقَدْ أصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ، فحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ (١٠)، أو قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، وَمَا سِوَى ذلِكَ فَهُوَ سُحْتٌ يَأْكُلُها صَاحِبُهَا سُحْتًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ". أخْرَجهُ مُسْلِمٌ (١١). ورَوَى أبو سعيد الخُدْرِىُّ، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا تَحِلُّ الصّدقةُ لِغَنِىٍّ، إلَّا لِخَمْسَةٍ" (١٢). ذَكَرَ منهم (١٣) الغارِمَ. ولأنَّه إنَّما يُقْبَلُ ضَمانُه وتَحَمُّلُه إذا كان مَلِيًّا، وبه حاجةٌ إلى ذلك مع الغِنَى، وإن أدَّى ذلك من مالِه، لم يكُنْ له أن يأخُذَ؛ لأنَّه قد سَقَطَ


(٦) سقط من: م.
(٧) سقط من: الأصل، ب.
(٨) فى ب، م: "له".
(٩) فى م زيادة: "له".
(١٠) سقط من: ب.
(١١) تقدم تخريجه فى: ٤/ ١١٩.
(١٢) تقدم تخريجه فى: ٤/ ١٠٣.
(١٣) فى م: "منها".

<<  <  ج: ص:  >  >>