إلَّا بالإِجَازَةِ من الوَرَثةِ. وإن أوْصَى أحَدُهُما للآخَرِ، ثم طَلَّقَها، جازَتِ الوَصِيَّةُ، لأنَّه صارَ غيرَ وارِثٍ، إلَّا أنَّه إن طَلَّقَها في مَرَضِ مَوْتِه، فقِيَاسُ المَذْهَبِ أنَّها لا تُعْطَى أكْثَرَ من مِيرَاثِها؛ لأنَّه يُتَّهَمُ في أنَّه طَلَّقَها لِيُوصِلَ إليها مالَه بالوَصِيَّةِ، فلم يُنَفَّذْ لها ذلك، كما لو طَلَّقَها في مَرَضِ مَوْتِه أو أوْصَى لها بأكْثَرَ ممَّا كانت تَرِثُ.
فصل: وإن أعْتَقَ أمَتَه في صِحَّتِه، ثم تَزَوَّجَها في مَرَضِه، صَحَّ، ووَرِثَتْه بغيرِ خِلَافٍ نَعْلَمُه. وإن أعْتَقَها في مَرَضِه، ثم تَزَوَّجَها، وكانت تَخْرُجُ من ثُلُثِه، فنَقَلَ المَرُّوذِىُّ عن أحمدَ، أنَّها تَعْتِقُ وتَرِثُ. وهذا اخْتِيارُ أصْحابِنا. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّها امْرأةٌ نِكَاحُها صَحِيحٌ، ولم يُوجَدْ في حَقِّها مانِعٌ من موانِعِ الإِرْثِ، وهى الرِّقُّ والقَتْلُ واخْتِلَافُ الدِّينِ، فتَرِثُ، كما لو كان أعْتَقَها في صِحَّتِه (٣). وقال الشافِعِىُّ: تَعْتِقُ ولا تَرِثُ؛ لأنَّها لو وَرِثَتْ لَكان إعْتَاقُها وَصِيَّةً لِوَارِثٍ، فيُؤَدِّى تَوْرِيثُها إلى إسْقاطِ تَوْرِيثِها؛ لأنَّ ذلك يَقْتَضِى إبْطالَ عِتْقِها، فيَبْطُلُ نِكَاحُها ثم يَبْطُلُ إرْثُها، فكان إبْطَالُ الإِرْثِ وحدَه وتَصْحِيحُ العَتْقِ والنِّكَاحِ أَوْلَى.
فصل: وإن أعْتَقَ أمَةً لا يَمْلِكُ غيرَها، ثم تَزَوَّجَها، فالنِّكَاحُ صَحِيحٌّ في الظاهِرِ. فإن ماتَ، ولم يَمْلِكْ شَيْئًا آخَرَ، تَبَيَّنَ أنَّ نِكَاحَها باطِلٌ، ويَسْقُطُ مَهْرُهَا إن كان لم يَدْخُلْ بها. وهذا قولُ أبى حنيفَةَ، والشَّافِعِىِّ. ويَعْتِقُ منها ثُلُثُها، ويَرِقُّ ثُلُثَاها. فإن كان قد دَخَلَ بها ومَهْرُها نِصْفُ قِيمَتِها، عَتَقَ منها ثَلَاثَةُ أسْباعِها، ويَرِقُّ أرْبَعةُ أسْباعِها. وحِسَابُ ذلك أن تقول: عَتَقَ منها شيءٌ، ولها بِصَدَاقِها نِصْفُ شيءٍ، ولِلوَرَثةِ شَيْئانِ، فيُجْمَعُ ذلك فيكونُ ثَلَاثَةَ أشْياءٍ ونِصْفًا، نَبْسُطُها فتكونُ سَبْعَةً، لها منها ثَلَاثَةٌ، ولهم أرْبَعَةٌ، ولا شىءَ للمَيِّتِ سِوَاها، فنَجْعَلُ لِنَفْسِها منها ثَلَاثَةَ أسْباعِها يكون حُرًّا والباقى لِلوَرَثةِ. وإن أحَبَّ الوَرَثةُ أن يَدْفَعُوا إليها حِصَّتَها من مَهْرِها، وهو سُبْعَاه، ويُعْتَقُ منها سُبْعَاها