للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَتَخَرَّجُ أن يُجْزِئَهُ العِتْقُ، بنَاءً على قولِنا بِصِحَّتِه منه. وإن نَذَرَ عِبَادَةً بَدَنِيَّةً، لَزِمَهُ فِعْلُها؛ لأَنَّه غيرُ مَحْجُورٍ عليه فى بَدَنِه. وإن نَذَرَ صَدَقَةَ المالِ، لم يَصِحَّ منه، وكَفَّرَ بالصِّيَامِ. وإن فُكَّ الحَجْرُ عنه قبلَ تَكْفِيرِه فى هذهِ المَوَاضِع كلِّها، لَزِمَهُ العِتْقُ، إن قَدَرَ عليه. ومُقْتَضَى قولِ أصْحَابِنَا أنَّه يَلْزَمُه الوَفَاءُ بِنَذْرِه، بنَاءً على قولِهِم فى مَن أقَرَّ قبلَ فَكِّ الحَجْرِ عنه، ثم فُكَّ عنه، فإنَّه يَلْزَمُه أَدَاؤُه، وإن فُكَّ بعدَ تَكْفِيرِه، لم يَلْزَمْهُ شىءٌ، كما لو كَفَّرَ عن يَمِينِه بالصِّيَامِ ثم فُكَّ الحَجْرُ عنه.

فصل: وإن أقَرَّ بِنَسَبِ وَلَدٍ، قُبِلَ منه؛ لأنَّه ليس بإقْرَارٍ بمالٍ، ولا تَصَرُّفٍ فيه، فَقُبِلَ، كإقرَارِه بالحَدِّ والطَّلاقِ. وإذا ثَبَتَ النَّسَبُ، لَزِمَتْهُ أحْكَامُه، من النَّفَقَةِ وغيرها؛ لأنَّ ذلك حَصَلَ ضِمْنًا لما صَحَّ منه، فأشْبَهَ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ.

٨١٦ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ أقَرَّ بِدَيْنٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ فِى حَالِ حَجْرِهِ)

وجُمْلَتُه أنَّ السَّفِيهَ إذا أقَرَّ بمَالٍ، كالدَّيْنِ، أو بما يُوجِبُه، كجِنَايَةِ الخَطَإِ وشِبْهِ العَمْدِ، وإتْلَافِ المالِ، وغَصْبِه، وسَرِقَتِه، لم يُقْبَلْ إقْرَارُه بِه؛ لأنَّه مَحْجُورٌ عليه لِحَظِّه، فلم يَصِحَّ إقْرَارُه بالمالِ، كالصَّبِيِّ والمَجْنُونِ. ولأنَّا لو قَبِلْنا إقْرَارَهُ فى مَالِه، لَزَالَ مَعْنَى الحَجْرِ؛ لأنَّه يَتَصَرَّفُ فى مَالِه، ثم يُقِرُّ به، فيَأْخُذُه المُقَرُّ له. ولأنَّه أقَرَّ بما هو مَمْنُوعٌ من التَّصَرُّفِ فيه، [فلم يَنْفُذْ] (١) كإِقْرَارِ الرَّاهِنِ على الرَّهْنِ، والمُفْلِسِ على المَالِ. ومُقْتَضَى قولِ الخِرَقِيِّ، أنَّهُ يَلْزَمُه ما أقَرَّ به بعد فَكِّ الحَجْرِ عنه. وهو الظَّاهِرُ من قولِ أصْحَابِنَا، وقولِ أبِى ثَوْرٍ؛ لأنَّه مُكَلَّفٌ أقَرَّ بما لا يَلْزَمُهُ فى الحالِ، فلَزِمَهُ بعدَ فَكِّ الحَجْرِ عنه، كالعَبْدِ يُقِرُّ بِدَيْنٍ، والرَّاهِنِ يُقِرُّ (٢) على الرَّهْنِ، والمُفْلِس [على المالِ] (٣). ويَحْتَمِلُ أن لا يَصِحَّ إقرَارُه، ولا يُؤْخَذ به فى


(١) سقط من: م.
(٢) سقط من: م.
(٣) سقط من: الأصل، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>