للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى النَّهرِ المعروفِ، وإذا نَكَّرَه صارَ للعُمومِ، فيَتناولُ كلَّ ما يُسَمَّى فُرَاتًا، وكلُّ عذبٍ فراتٌ، قال اللَّهُ تعالى: {وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا} (١٢٣). وقال: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} (١٢٤). ومتى نَوَى بيَمِينِه (١٢٥) المُحْتمِلَ الآخَرَ، انْصَرفَ إليه، ويُقْبَلُ منه ذلك؛ لأَنَّه قريبٌ لا تَبعُدُ إرادتُه.

فصل: ولو حَلَفَ لا يَشتُمُه، ولا يُكَلِّمُه فى المسجدِ، ففعلَ ذلك (١٢٦) فى المسجدِ، والمحْلوفُ عليه فى غيرِه، حَنِثَ، وإن فعلَه (١٢٧) فى غيرِ المسجدِ، والمحْلوفُ عليه فى المسجدِ، لم يَحْنَثْ. ولو حَلَفَ لا يَضْرِبُه، ولا يَشُجُّه، ولا يَقتُلُه فى المسجدِ، ففَعلَه، والحالفُ فى المسجدِ، والمحْلوفُ عليه فى غيرِه، لم يَحْنَثْ، وإن كان الحالِفُ فى غيرِ المسجدِ، والمحلوفُ عليه فى المسجدِ، حَنِثَ؛ لأنَّ الشَّتْمَ والكلامَ قولٌ يَستقِلُّ به القائلُ، فلا يُعتبَرُ فيه حُضورُ المشْتومِ، فيُوجَدُ مِنَ الشَّاتمِ فى المسجدِ وإن لم يَكُنِ المشْتُومُ فيه، والكلامُ قولٌ؛ فهو كالشَّتمِ، وسائرُ الأفعالِ المذكورةِ فعلٌ مُتَعَدٍّ محلُّه المضروبُ والمقتولُ والمشجوجُ، فإذا كان مَحَلُّه فى غيرِ المسجدِ كان الفعلُ فى غيرِه، فيُعْتبَرُ محلُّ المفعولِ به. ولو حَلَفَ لَيَقتُلَنَّه يومَ الْجُمُعَةِ، فجرحَه يومَ الخميسِ، وماتَ يومَ الجمعةِ. فقال القاضى: لا يَحْنَثُ. وإن جرَحَه يومَ الْجُمُعَةِ فماتَ يومَ السَّبْتِ، فقال: يَحْنَثُ؛ لأنَّه لا يَكونُ مقتولًا حتى يموتَ، فاعْتُبِرَ يومُ مَوْتِه لا يومُ ضَرْبِه. ويَتَوجَّهُ أن يكونَ الحُكمُ بالعكسِ فى المسْألتينِ، فيُعْتبَرَ يومُ جَرْحِه لا يومُ مَوْتِه؛ لأنَّ القتلَ فعلُ القاتلِ، ولهذا يَصِحُّ الأمرُ به والنَّهْىُ عنه، قال اللَّهُ تعالى: {فَاقْتُلُوا


(١٢٣) سورة المرسلات ٢٧.
(١٢٤) سورة فاطر ١٢.
(١٢٥) فى أ، ب، م: "يمينه".
(١٢٦) سقط من: أ، ب، م.
(١٢٧) فى الأصل: "حلفه".

<<  <  ج: ص:  >  >>