للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَحْلِكَ، فإنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمَرَنا بذلك (٧). فإذا تَقَرَّرَ هذا فإنّ قَبْضَهَا نَقْلُها. كما جاء فى (٨) الخَبَرِ، ولأنَّ القَبْضَ لو لم يُعَيَّنْ فى الشَّرْعِ لوَجَبَ رَدُّه إلى العُرْفِ، كما قُلْنا فى الإِحْياءِ والإِحْرازِ، والعادَةُ فى قَبْضِ الصُّبْرَةِ (٩) النَّقْلُ.

فصل: ولا يَحِلُّ لبائِعِ الصُّبْرَةِ أنْ يَغُشَّها؛ بأن يَجْعَلَها على دِكَّةٍ، أو رَبْوَةٍ، أو حَجَرٍ يَنْقُصُها، أو يَجْعَلَ الرَّدِىءَ فى باطِنِها أو المَبْلُولَ، ونحوَ ذلك؛ لما رَوَى أبو هريرةَ، أنَّ رسولَ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ على صُبْرَةٍ من طَعَامٍ، فأدْخَلَ يَدَهُ (١٠)، فَنَالَتْ أصَابِعُه بَلَلًا. فقال: "يا صَاحِبَ الطَّعَامِ، مَا هذَا"؟ قال: أصَابَتْهُ السَّمَاءُ يا رسولَ اللهِ. قال: "أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ"؟ ثم قال: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا" (١١). قال التِّرْمِذِيُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. فإذا وُجِدَ ذلك، ولم يَكُنِ المُشْتَرِى عَلِمَ به، فله الخِيَارُ بين الفَسْخِ، وأخْذِ تَفَاوُتِ ما بينهما؛ لأنَّه عَيْبٌ. وإنْ بانَ تحتها حُفْرَةٌ. أو بانَ باطِنُها خَيْرًا من ظاهِرِها، فلا خِيَارَ للمُشْتَرِى؛ لأنّه زِيادَةٌ له. وإنْ عَلِمَ البائِعُ ذلك، فلا خِيارَ له؛ لأنّه دَخَلَ على بَصِيرَةٍ به. وإنْ لم يكُنْ عَلِمَ، فله الفَسْخُ، كما لو باعَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا، فوَزَنَها بِصَنْجَةٍ، ثم وَجَدَ الصَّنْجَةَ زائِدَةً، كان له الرُّجُوعُ. وكذلك لو باعَ بمِكْيالٍ، ثم وَجَدَه زائِدًا. ويَحْتَمِلُ أنَّه لا خِيارَ له؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنّه باعَ ما يَعْلَمُ، فلا يَثْبُتُ له الفَسْخُ بالاحْتِمالِ.

٧٣٧ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ عَرَفَ مَبْلَغَ شَىءٍ، لَمْ يَبِعْهُ صُبْرَةً)

نَصَّ أحمدُ على هذا، فى مَواضِعَ. وكَرِهَه عَطاءٌ، وابنُ سِيرِينَ، ومُجاهِدٌ،


(٧) أخرجه أبو داود، فى: باب فى بيع الطعام قبل أن يستوفى، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٥٢، ٢٥٣. والإمام أحمد، فى: المسند ٥/ ١٩١.
(٨) سقط من: الأصل.
(٩) فى الأصل: "الصبر".
(١٠) فى الأصل: "أصبعه".
(١١) تقدم تخريجه فى صفحة ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>