للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّها كلَّها تُرَدُّ فى الفُقَراءِ، والفقيرُ عندهم مَنْ لا يَمْلِكُ نِصابًا. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِىٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ؛ لِغَازٍ فِى سَبِيلِ اللَّه، أوْ لِغَارِمٍ" (٦). وذكر بَقِيَّتَهُم. ولأنَّ اللَّه تعالى جعلَ الفُقراءَ والمساكينَ صِنْفَيْنِ، وعَدَّ بعدَهما سِتَّةَ أصْنافٍ، فلا يَلْزَمُ وُجودُ صِفَةِ الصِّنْفَيْنِ فى بَقِيَّةِ الأصْنافِ، كما لا يَلْزَمُ وُجودُ صِفَةِ الأصْنافِ فيهما (٧)، ولأنَّ هذا يأخذُ (٨) لحاجَتِنا إليه، [فأشْبَهَ العامِلَ والمُؤَلَّفَ، فأمَّا أهلُ سائرِ السُّهْمان، فإنَّما يُعْتَبَرُ فَقْرُ مَنْ يأخُذُ لحاجَتِه إليها، دُونَ مَن يأْخُذُ لحاجَتِنا إليه] (٩). فإذا تقرَّرَ هذا، فمن قال، إنَّه يُرِيدُ الغَزْوَ. قُبِلَ قولُه؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ إقامةُ الْبَيِّنَةِ على نِيَّتِه (١٠)، ويُدْفَعُ إليه قَدْرُ كفايَتِه لمُؤْنَتِه وشراءِ السلاحِ والفَرَسِ إن كان فارِسًا، وحُمُولَته ودِرْعِه ولِبَاسِه (١١) وسائِرِ ما يَحْتاجُ إليه لغَزْوِه، وإن كَثُرَ ذلك، ويُدْفَعَ إليه دَفْعًا مُرَاعًى، فإن لم يَغْزُ رَدَّه؛ لأنَّه أخَذَه كذلك، وإن غَزَا وعادَ، فقد مَلَكَ ما أخَذَه؛ لأنَّنا دَفَعْنا إليه قدرَ الكِفايةِ، وإنَّما ضَيَّقَ على نَفْسِه. وإن مَضَى إلى الغَزْو، فرَجَعَ من الطَّريقِ، أو لم يُتِمَّ الغَزْوَ الذى دُفِعَ إليه من أجْلِه، رَدَّ ما فَضَلَ معه؛ لأنَّ الذى أخَذَ لأَجْلِه لم يَفْعَلْه كلَّه.

فصل: وإنَّما يَسْتَحِقُّ هذا السَّهْمَ الغُزاةُ الذين لا حَقَّ لهم فى الدِّيوانِ، وإنَّما يَتَطَوّعُونَ بالغَزْوِ إذا نَشِطُوا. قال أحمدُ: ويُعْطى ثَمَنَ الفَرَسِ، ولا يَتَوَلَّى مُخْرِجُ الزَّكاةِ شِراءَ الفَرَسِ بنَفْسِه؛ لأنَّ الواجبَ إيتاءُ الزكاةِ، فإذا اشْتَراها بنفسِه، فما أَعْطَى إلَّا فَرَسًا. وكذلك الحُكْمُ فى شِراءِ السلاحِ والمُؤْنةِ، وقال فى موضعٍ آخرَ: إن دَفَعَ ثمنَ الفَرَسِ وثمنَ السيفِ، فهو أعْجَبُ إلىَّ، وإن اشْتراهُ هو، رَجَوْتُ أن يُجْزِئَه. وقال


(٦) تقدم تخريجه فى: ٤/ ١٠٩.
(٧) فى أ، م: "فيها".
(٨) فى أ، ب، م زيادة: "لحاجته إليها دون أن يأخذ".
(٩) سقط من: ب.
(١٠) فى النسخ: "بينته". ولعل الصواب ما أثبتناه.
(١١) فى ب، م: "وأثاثه".

<<  <  ج: ص:  >  >>