للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّاهِرِ مُنْكَرٌ فيتحدَّثُ (٧) به، فيكونُ فَضِيحَةً له، ورُبَّما بَدَتْ عَوْرَتُه فشاهَدَها، ولهذا أَحْبَبْنا أن يكونَ الغَاسِلُ ثِقَةً أَمْينًا صَالِحًا، لِيَسْتُرَ ما يَطَّلِعُ عليه، وفى الحديثِ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "لِيُغَسِّلْ مَوْتَاكُمُ المَأْمُونُونَ". رَوَاه ابنُ مَاجَه (٨). ورُوِىَ عنه عليه السَّلَامُ أنَّه قال: "مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا، ثُمَّ لَمْ يُفْشِ عَلَيْهِ، خَرَجَ مِن ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ". رَوَاه ابنُ مَاجَه أيضًا (٩). وفى "المُسْنَدِ" عن عائشةَ، قالت: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا، فأَدَّى فِيهِ الْأَمَانَةَ، ولم يُفشِ عَلَيْهِ مَا يَكُونُ مِنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ، خَرَجَ من ذُنُوبِه كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" (١٠). وقال: "لِيَلِهِ أَقْرَبُكُمْ مِنْهُ إنْ كَان يَعْلَمُ، فإنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ فَمَنْ تَرَوْنَ أنَّ عِنْدَهُ حَظًّا مِنْ وَرَعٍ وأَمَانَةٍ" (١٠). وقال القاضي: لِوَلِيِّه أن يدْخُلَ (١١) كيف شاءَ. وكلامُ الْخِرَقِىِّ عامٌّ في المَنْعِ، ولَعَلَّه يَقْتَضِى التَّعْمِيمَ، واللهُ أعلمُ.

فصل: ويَنْبَغِى لِلغاسِلِ، ولمن حَضَرَ، إذا رَأى من المَيِّتِ شيئا ممَّا ذَكَرْنَاه وممَّا (١٢) يُحِبُّ المَيِّتُ سَتْرَه، أن يَسْتُرَهُ، ولا يُحَدِّث به؛ لما رَوَيْناهُ، ولأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ مُسْلِمٍ، سَتَرَهُ اللهُ في الدُّنْيَا والْآخِرَةِ" (١٣). وإن رَأى حَسَنًا مثلَ أمَارَاتِ الخَيْرِ، مِن وَضاءَةِ الوَجْهِ، والتَّبَسُّمِ، ونَحْوِ ذلك، اسْتُحِبَّ إظْهارُه، لِيَكْثُرَ التَّرَحُّمُ عليه، ويَحْصُلَ الحَثُّ على مثلِ طَرِيقَتِه، والتَّشَبُّهُ بِجَمِيلِ


(٧) في أ، م: "فيحدث".
(٨) في: باب ما جاء في غسل الميت، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه ١/ ٤٦٩.
(٩) في: باب ما جاء في غسل الميت، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه ١/ ٤٦٩، ٤٧٠. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٦/ ١١٩، ١٢٠، ١٢٢.
(١٠) مسند أحمد ٦/ ١١٩، ١٢٠، ١٢٢.
(١١) في أ، م: "يدخله".
(١٢) سقطت الواو من: أ، م.
(١٣) قريب منه ما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٧٤.
وانظر ما أخرجه ابن ماجه، في: باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، من المقدمة، وفى: باب الستر على المؤمن ودفع الحدود بالشبهات، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ١/ ٨٢، ٢/ ٨٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>