للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَلَّمَ العِشْرِينَ إلى الرَّاهِنِ، فالقولُ قولُ الرَّاهِنِ مع يَمِينِه. فإن نَكَلَ، قُضِىَ عليه بالعَشَرَةِ، ويَدْفَعُ إلى المُرْتَهِنِ، وإن حَلَفَ بَرِىءَ، وعلى الرَّسُولِ غَرَامَةُ العَشَرَةِ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لأنَّه يَزْعُمُ أنَّها حَقٌّ له، وإنَّما الرَّاهِنُ ظَلَمَهُ. وإن عَدِمَ الرَّسُولَ، أو تَعَذَّرَ إحْلَافُه، فعَلَى الرَّاهِنِ اليَمِينُ أنَّه ما أذِنَ فى رَهْنِه إلَّا بِعَشَرَةٍ، ولا قَبَضَ أكْثَرَ منها، ويَبْقَى الرَّهْنُ بالعَشَرَةِ الأُخْرَى.

فصل: إذا كان على رَجُلٍ أَلْفَانِ، أحَدُهما بِرَهْنٍ، والآخَرُ بغيرِ رَهْنٍ، فقَضَى ألْفًا، وقال: قَضَيْتُ دَيْنَ الرَّهْنِ. وقال المُرْتَهِنُ: بل قَضَيْتَ الدَّيْنَ الآخَرَ. فالقولُ قولُ الرَّاهِنِ مع يَمِينِه، سواءٌ اخْتَلَفَا فى نِيَّةِ الرَّاهِنِ بذلك أو فى لَفْظِه؛ لأنَّه أعْلَمُ بِنِيَّتِه وصِفَةِ دَفْعِه، ولأنَّه يقولُ: إن الدَّيْنَ الباقِىَ بلا رَهْنٍ، والقولُ قولُه فى أصْلِ الرَّهْنِ، فكذلك فى صِفَتِه، وإن أَطْلَقَ القَضَاءَ، ولم يَنْوِ شَيْئًا، فقال أبو بكرٍ: له صَرْفُها إلى أيِّهما شاءَ، كما لو كان له مالٌ حاضِرٌ وغائِبٌ، فأدَّى قَدْرَ زَكَاةِ أحدِهِما، كان له أن يُعَيِّنَ عن أىِّ المالَيْنِ شاءَ. وهذا قولُ بعضِ أصْحابِ الشَّافِعِىِّ. وقال بعضُهم: يَقَعُ الدَّفْعُ عن الدَّيْنَيْنِ معا، عن كل واحِدٍ منهما نِصْفُه؛ لأنَّهما تَساوَيَا فى القَضَاءِ، فتَسَاوَيَا فى وُقُوعِه عنهما، فأما إن أَبْرَأَهُ المُرْتَهِنُ مِن أحدِ الدَّيْنَيْنِ، واخْتَلَفَا، فالقولُ قولُ المُرْتَهِنِ، على التَّفْصِيلِ الذى ذَكَرْنَاهُ فى الرَّاهِنِ، ذَكَرَهُ أبو بكرٍ.

فصل: وإذا اتَّفَقَ المُتَرَاهِنَانِ على قَبْضِ العَدْلِ لِلرَّهْنِ، لَزِمَ الرَّهْنُ فى حَقِّهِما، ولم يَضُرَّ إنْكَارُه؛ لأنَّ الحَقَّ لهما. وإن قال أحَدُهما: قَبَضَهُ العَدْلُ. فأَنْكَرَ الآخَرُ، فالقولُ قولُ المُنْكِرِ، كما لو اخْتَلَفا فى قَبْضِ المُرْتَهِنِ له. ولو شَهِدَ العَدْلُ بالقَبْضِ، لم تُقْبَلْ [شَهادتُه؛ لأنَّها] (٢) شهَادَةُ الوَكِيلِ (٣) لِمُوَكِّلِه.


(٢) سقط من: أ، م.
(٣) فى الأصل: "الموكل".

<<  <  ج: ص:  >  >>