للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَقْبِضُهُ جُزَافًا، ولا بغيرِ ما يُقَدَّرُ به؛ لأنَّ الكَيْلَ والوَزْنَ يَخْتلفَانِ (٩)، فإن قَبَضَهُ بذلك، فهو كَقَبْضِه جُزَافًا، فيُقَدِّرُه بما أسْلَمَ فيه، ويَأْخُذُ قَدْرَ حَقِّه، ويَرُدُّ الباقِى، ويُطَالِبُ بالعِوَضِ. وهل له أن يَتَصَرَّفَ فى قَدْرِ حَقِّه منه قبلَ أن يَعْتَبِرَهُ؟ على وجْهَيْنِ، مَضَى ذِكْرُهُما فى بُيُوعِ الأَعْيَانِ. وإن اخْتَلَفَا فى قَدْرِه، فالقَولُ قولُ القَابِضِ مع يَمِينِه. قال القاضى: ويُسَلِّمُ إليه مِلْءَ المِكْيَالِ وما يَحْمِلُه، ولا يكون مَمْسُوحًا، ولا يُدَقُّ ولا يُهَزُّ؛ لأنَّ قَوْلَه: أسْلَمْتُ إليك فى قَفِيزٍ. يَقْتَضِى ما يَسَعُه المِكْيَالُ وما يَحْمِلُه، وهو ما ذَكَرْنَا.

٧٨٣ - مسألة؛ قال: (وَلَا يَجُوزُ أن يَأْخُذَ رَهْنًا، ولَا كَفِيلًا مِنَ المُسْلَمِ إلَيهِ)

واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فى الرَّهْنِ والضَّمِينِ فى السَّلَمِ، فرَوَى المَرُّوذِىُّ، وابنُ القَاسِمِ، وأبو طَالِبٍ، مَنْعَ ذلك، وهو اخْتِيارُ الخِرَقِىِّ وأبو بكرٍ. وَرُوِيَتْ كراهِيَةُ (١) ذلك عن عَلِىًّ، وابنِ عمرَ، وابنِ عَبّاسٍ، والحسنِ، وسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ، والأَوْزَاعِىِّ. ورَوَى حَنْبَلٌ جَوَازَه. ورَخَّصَ فيه عَطَاءٌ، ومُجَاهِدٌ، وعَمْرُو بن دِينَارٍ، والحَكَمُ، ومَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لقولِ اللهِ تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} (٢). إلى قولهِ: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (٣). وقد رُوِىَ عن ابنِ عَبّاسٍ وابنِ عمرَ، أنَّ المُرَادَ به السَّلَمُ. ولأنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ، فيَدْخُلُ السَّلَمُ فى عُمُومِه. ولأنَّه أحَدُ نَوْعَىِ البَيْعِ، فجازَ أخْذُ الرَّهْنِ بما فى الذِّمَّةِ منه، كبُيُوع الأعيانِ. وَوَجْهُ الأَوَّلِ، أنّ الرَّاهِنَ والضَّمِينَ إن أخَذَا بِرَأْسِ


(٩) فى أ: "مختلفان".
(١) فى أ، م: "كراهة".
(٢) فى ابعد هذا: {إِلَى أَجَلِهِ}.
(٣) سورة البقرة ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>