للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى أَهْلِهَا} (١). وأمرَ به رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "أَدِّ الأمانةَ إلى مَن ائْتَمَنكَ، ولَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ" (٢). يعنى عند طَلَبِها. ولأنَّها حَقٌّ لمالِكها لم يَتَعلَّقْ بها حَقُّ غيرِه، فلَزِمَ أداؤُها إليه، كالمَغْصوبِ والدَّيْنِ الحالِّ. فإن امْتَنعَ من دَفْعِها فى هذه الحالِ، فتَلِفَتْ، ضَمِنَها؛ لأنَّه صار غاصِبًا، لِكَوْنِه أَمْسكَ مالَ غيرِه بغيرِ إذْنِه بفِعْلٍ مُحَرَّمٍ، فأشْبَهَ الغاصبَ. فأمَّا إن طَلَبها فى وقتٍ لم (٣) يُمْكِنْ (٤) دَفْعُها إليه، لبُعْدِها، أو لمَخافةٍ فى طرِيقِهَا، أو للعَجْزِ عن حَمْلِها، أو غيرِ ذلك، لم يكُنْ متعدِّيًا بتَرْكِ تَسْلِيمِها؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى لا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَها. وإن تَلِفَتْ (٥) لم يَضْمَنْها؛ لعدَمِ عُدْوانِه. وإن قال: أمْهِلُونِى حتَّى أقْضِىَ صَلاِتى، أو آكُلَ، فإنى جائعٌ، أو أنامَ فإنِّى ناعِسٌ، أو يَنْهَضِمَ عنى الطعامُ فإنِّى مُمْتَلِىءٌ. أُمْهِلَ بقَدْرِ ذلك.

فصل: وليس على المُسْتَوْدَعِ مُؤْنَةُ الرَّدِّ (٦) وحَمْلُها إلى رَبِّها إذا كانت ممَّا لِحَمْلِه (٧) مُؤْنَةٌ، قَلَّتِ المُؤْنةُ أو كَثَرُتْ؛ لأنَّه قَبَضَ العَيْنَ لمَنْفَعةِ مالِكِها على الخُصُوصِ، فلم تَلْزَمْه الغَرامةُ عليها، كما لو وَكَّلَه فى حِفْظِها فى مِلْكِ صاحِبِها، وإنَّما عليه التَّمْكِينُ من أخْذِها. وإن سافرَ بها بغيرِ إذْنِ رَبِّها، فعليه رَدُّها إلى بَلَدِها؛ لأنَّه أَبْعدَها بغير إذنِ رَبِّها، فلَزِمَهُ رَدُّها، كالغاصبِ.

١٠٧١ - مسألة؛ قال: (وَإذَا مَاتَ وعِنْدهُ وَدِيعَةٌ لَا تَتَميَّزُ مِنْ مَالِهِ، فَصَاحِبُهَا غَرِيمٌ بِهَا)

وجملتُه أَنَّ الرَّجُلَ إذا مات، [وَثَبَتَ أن عندَه] (١) وَدِيعةً لم تُوجَدْ بعَيْنِها، فهى دَيْنٌ


(١) سورة النساء ٥٨.
(٢) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٥٦.
(٣) فى ب: "لا".
(٤) فى أ، ب، م: "يكن".
(٥) فى م: "تلف".
(٦) فى م: "الردود".
(٧) فى الأصل، أ، ب: "لحملها".
(١) فى ب: "وعنده".

<<  <  ج: ص:  >  >>