للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: والزِّياداتُ على ضَرْبَيْنِ؛ زِيَادَةُ أَفْعَالٍ، وزِيَادَةُ أَقْوَالٍ. فزِياداتُ الأفْعالِ قِسْمان: أحَدُهما، زِيَادَةٌ من جِنْسِ الصَّلَاةِ، مِثْلُ أن يقومَ في مَوْضِعِ جُلُوسٍ، أو يَجْلِسَ في مَوْضِعِ قِيَامٍ، أو يَزِيدَ رَكْعَةً أو رُكْنًا، فهذا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَمْدِهِ، ويَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، قَلِيلًا كان أو كَثِيرًا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا زَادَ الرَّجُلُ أو نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٥٤). والثانى، مِنْ غيرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ كالمَشْىِ والحَكِّ والتَّرَوُّحِ، فهذا تَبْطُلُ الصَّلاةُ بِكَثِيرِه، ويُعْفَى عن يَسِيرِه، ولا يَسْجُدُ له، ولا فَرْقَ بين عَمْدِه وسَهْوِه. الضَّرْبُ الثَّانى، زِيَادَاتُ الأَقْوَالِ، وهى قِسْمان أيضًا. أحَدُهما، ما يُبْطِلُ عَمْدُه الصَّلَاةَ، كالسَّلَامِ وكَلَامِ الآدَمِيِّينَ، فإذا أتَى به سَهْوًا فَسَلَّمَ في غيرِ مَوْضِعِه، سَجَدَ، على ما ذَكَرْناهُ في حَدِيثِ ذِى اليَدَيْنِ (٥٥). وإنْ تَكَلَّمَ في الصَّلَاةِ سَهْوًا، فهل تَبْطُلُ الصَّلَاةُ به أو يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ؟ على رِوَايَتَيْنِ. القِسْمُ الثَّانى، ما لا يُبْطِلُ عَمْدُه الصَّلَاةَ، وهو نَوْعَانِ: أحَدُهُما، أن يَأْتِىَ بِذِكْرٍ مَشْرُوعٍ في الصَّلَاةِ في غير مَحَلِّه، كالقِراءةِ في الرُّكُوعِ والسُّجُودِ، والتَّشَهُّدِ في القِيَامِ، والصَّلاةِ على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في التَّشَهُّدِ الأوَّل، وقِراءةِ السُّورَةِ في الأُخْرَيَيْنِ من الرُّبَاعِيَّةِ أو الأخِيرَةِ من المَغْرِبِ، وما أشْبَهَ ذلك، إذا فَعَلَهُ سَهْوًا، فهل يُشْرَعُ له سُجُودُ السَّهْوِ؟ على رِوَايَتَيْنِ. إحْدَاهما، لا يُشْرَعُ له سُجُودٌ؛ لأنَّ الصَّلَاةَ لا تَبْطُلُ بِعَمْدِهِ، فلم يُشْرَعِ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ، كَتَرْكِ سُنَنِ الأفْعالِ. والثانية، يُشْرَعُ له السُّجُودُ؛ لقولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا نَسِىَ أَحَدُكُم فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وهو جَالِسٌ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٥٦). فإذا قُلْنا: يُشْرَعُ له السُّجُودُ. فذلك مُسْتَحَبٌّ غيرُ واجِبٍ، لأنَّه جَبْرٌ لغيرِ وَاجِبٍ، فلم يَكُنْ واجِبًا، كَجَبْرِ سائِرِ السُّنَنِ. قال أحمدُ: إنما السَّهْوُ الذي يَجِبُ فيه السُّجُودُ، ما رُوِىَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.


(٥٤) تقدم في صفحة ٤١٨.
(٥٥) تقدم في صفحة ٤٠٣.
(٥٦) تقدم في صفحة ٤١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>