للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ظاهرِ السِّنِّ، فصارَ كما لو قطعَ الأوَّلُ منْ كلِّ إصبَعٍ من أصابِعِه أُنْمُلَةً، ثم قطَعَ الثاني يدَهُ من الكُوعِ. وإنْ كان الأوَّلُ كسَرَ نصفَ السِّنِّ طُولًا دُونَ سِنْخِه، فجاءَ الثاني فقلَع (٢٣) الباقِىَ بالسِّنْخِ كُلِّه، فعليه دِيَةُ النِّصْفِ الباقى، وحُكومةٌ لنصْفِ السِّنْخِ الذي بَقِىَ لمَّا كسَرَه الأوَّلُ، كما لو قطعَ الأوَّلُ إِصْبَعَيْنِ مِنْ يَدٍ، ثم جاء الثاني, فقطَعَ الكفَّ كلَّه. فإن اخْتَلفَ الثَّانى والْمجنِىُّ عليه فيما قلَعه الأوَّلُ، فالقولُ قولُ الْمَجْنِىِّ عليه؛ لأنَّ الأصلَ سَلامةُ السِّنِّ. وإنِ انْكَشَفَتِ اللِّثْةُ عن بعضِ السِّنِّ، فالدِّيَةُ في قَدْرِ الظَّاهرِ عادةً، دون ما انْكشَف على خلافَ العادة. وإن اخْتلَفا في قَدْرِ الظَّاهرِ، اعتُبِرَ ذلك بأخَواتِها، فإنْ لم يكُنْ لها شيءٌ يُعْتَبَرُ به، ولم يُمْكِنْ أنْ يَعْرِفَ ذلك أهلُ الْخِبرةِ، فالقولُ قولُ الجانى؛ لأنَّ الأصْلَ بَراءةُ ذِمَّتِه.

فصل: وإنْ قَلَعَ سِنًّا مُضْطَرِبةً لكبرٍ أو مرضٍ، وكانَتْ مَنافعُها باقيةً؛ منَ المَضْغِ، وحِفْظِ (٢٤) الطَّعامِ والرِّيقِ، وجبَتْ دِيَتُها. وكذلكَ إنْ ذهبَ بعضُ مَنافِعِها، وبَقِىَ بعضُها؛ لأنَّ جَمالَها وبعضَ منافِعِها باقٍ، فكَمَلَ دِيَتُها، كاليَدِ المريضةِ، ويَدِ الكبيرِ. وإنْ ذهبتْ منافِعُها كُلُّها، فهى كاليَدِ الشَّلَّاءِ. على ما سنذكرُهُ إن شاء اللهُ تعالى. وإنْ قلَعَ سِنًّا فيها داءٌ أو آكِلةٌ (٢٥)، فإنْ لم يذهبْ شيءٌ مِنْ أجْزائِها، وجبَ فيها دِيَةُ السِّنِّ الصَّحيحةِ؛ لأنَّها كاليَدِ المريضةِ، وإنْ سقطَ من أجْزائِها شيءٌ، سقطَ من دِيَتِها بقَدْرِ الذَّاهبِ منها، ووجبَ الباقى. وإنْ كانَ إحْدى ثَنِيَّتَيْه قصيرةً، نقَصَ من دِيَتِها بِقَدْرِ نَقْصِها، كما لو نقَصَتْ بكَسْرِها.

فصل: فإنْ جَنَى على سِنِّه جانٍ، فاضْطَرَبَتْ، وطالَتْ عن (٢٦) الأسْنانِ، وقيل: إنَّها تعودُ إلى مُدَّةٍ إلى ما كانتْ عليه. انتُظِرَتْ إليها، فإنْ ذهَبَتْ وسقطَتْ، وجَبتْ


(٢٣) في ب: "قطع". وفي م: "فقطع".
(٢٤) في م: "وضغط".
(٢٥) الآكلة: الحكة.
(٢٦) في ب، م: "على".

<<  <  ج: ص:  >  >>