للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن وَطِىءَ الجاريةَ التي يَلْزَمُه اسْتِبراؤُها قبلَ اسْتِبْرائِها، أثِمَ، والاسْتِبْراءُ باقٍ بحالِه؛ لأنَّه حَقٌّ عليه، فلا يَسْقُطُ بعُدْوانِه. فإن لم تعْلَقْ منه، اسْتَبْرأَها بما كان يَسْتَبْرِئُها به قبلَ الوَطْءِ، وتَبْنِى على ما مَضَى من الاسْتِبْراءِ، وإن عَلِقَتْ منه، فمتى وضَعَتْ حَمْلَها، اسْتَبْرأها بحَيْضةٍ، ولا يَحِلُّ له الاسْتِمْتاعُ منها في حالِ حَمْلِها؛ لأنَّه لم يَسْتَبْرِئْها. وإن وَطِئَها، وهى حاملٌ حَمْلًا كان موجودًا حينَ البَيْعِ من غير البائعِ، فمتى وَضَعَتْ حَمْلَها انْقَضَى اسْتِبْراؤُها. قال أحمدُ: ولا يَلْحَقُ بالمُشترِى، ولا يَتْبَعُه، ولكن يَعْتِقُه؛ لأنَّه قد شَرِكَ فيه؛ لأنَّ الماءَ يَزِيدُ في الوَلَدِ. وقد رَوَى أبو داودَ (٢٨)، بإِسْنادِه عن أبي الدَّرْداءِ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه مَرَّ بامْرأةٍ مُجِحٍّ، على باب فُسْطاطٍ، فقال: "لَعَلَّهُ يُرِيدُ أنْ يُلِمَّ بِهَا". فقالوا: نعم. فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ ألْعَنَه لعْنًا يَدْخُلُ معه قَبْرَهُ، كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ، أوْ كَيْفَ يَسْتَخْدِمُه وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ! " ومعناه أنَّه إن اسْتَلْحَقَه وشَرِكَه في مِيراثِه، لم (٢٩) يَحِلَّ له؛ لأنَّه ليس بولَدِه (٣٠)، وإن اتّخَذَه مَمْلوكًا، لم يَحِلَّ له؛ لأنَّه قد شَرِكَ فيه، لكَوْنِ الوَطْءِ يَزِيدُ في الوَلَدِ. وعن ابنِ عباسٍ، قال: نَهَى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ وَطْءِ الحَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ ما في بُطونِهِنَّ. روَاه النَّسائِىُّ، والتِّرْمِذِىُّ (٣١).

فصل: ومَنْ أراد بَيْعَ أمَتِه، فإن كان لا يَطَؤُها، لم يَلْزَمْه اسْتِبْراؤُها، لكن (٣٢)


(٢٨) تقدم تخريجه، في: ٩/ ٥٦٢.
(٢٩) في أ: "لا".
(٣٠) في ب، م: "بوالده".
(٣١) أخرجه النسائي، في: باب بيع المغانم قبل أن تقسم، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٦٥. والترمذي، في: باب ما جاء في كراهية وطء الحبالى من السبايا، من كتاب السر. عارضة الأحوذى ٧/ ٥٩. عن عرباض بن سارية، وليس ابن عباس. انظر التعليق المغنى على الدارقطني ٣/ ٦٩.
كما أخرجه الدارقطني، في: كتاب البيوع. سنن الدارقطني ٣/ ٦٩. والحاكم، في: كتاب قسم الفىء. المستدرك ٢/ ١٣٧.
(٣٢) في أ: "ولكن".

<<  <  ج: ص:  >  >>