للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ويُؤْخَذُ منهم العُشْرُ من كلِّ مالٍ للتجارَةِ، فى ظاهرِ كلام الْخِرَقِىِّ. وقال القاضى: إذا دَخَلُوا فى نَقْلِ مِيرَةٍ بالنَّاسِ إليها حاجَةٌ، أُذِنَ لهم فى الدُّخولِ بغير عُشْرٍ يُؤْخَذُ منهم. وهذا قولُ الشافِعِىِّ؛ لأنَّ دُخولَهم نَفْعٌ للمسلمين. ولَنا، عُمومُ ما رَوَيْناه. ورَوَى صالحٌ عن أبِيه، عن عبد الرحمن بنِ مَهْدِىٍّ، عن مالِك، عن الزُّهْرِىِّ، عن سالم، عن أبيه، عن عمرَ، أنَّه كان يأْخُذ من النَّبَطَ من القُطْنِيَّةِ (١٢) العُشْرَ، ومن الحِنْطَةِ والزَّبِيبِ نصفَ العُشْرِ، ليَكْثُرَ الحِمْلُ إلى المدينةِ (١٣). وهذا يدلُّ على أنّه يُخفِّفُ عنهم إذا رَأَى المصلحةَ فيه، وله التَّرْكُ أيضًا إذا رأَى المَصْلَحَةَ.

فصل: ويُؤْخَذُ العُشْرُ من كلِّ حَرْبِىٍّ تاجِرٍ، ونصْفُ العُشْرِ من كلِّ ذِمِّىٍّ تاجِرٍ، سواءٌ كان ذكرًا أو أُنْثَى، أو صغيرًا أو كبيرًا، وقال القاضى: ليس على المرأةِ عُشْرٌ ولا نِصْفُ عُشْرٍ، سواءٌ كانت حَرْبيَّةً أو ذِمِّيَّةً، لكنْ إنْ دَخَلَتِ الحجازَ عُشِرَتْ؛ لأنَّها مَمْنُوعَةٌ من الإِقامَةِ بِه (١٤). ولا يُعْرَفَ هذا التَّفْصيلُ عن أحمدَ، ولا يَقْتَضِيه مذهبُه؛ لأنَّه يُوجِبُ الصَّدَقَةَ فى أمْوالِ نساءِ بنى تَغْلِبَ وصِبْيانِهم، فكذلك (١٥) يُوجِبُ العُشْرَ أو نِصْفَه فى مالِ النِّساءِ، وعُمومُ الأحادِيثِ المَرْوِيَّةِ ليس فيها تخصيصٌ للرِّجالِ دونَ النِّساءِ، وليس هذا بجِزْيَةٍ، وإنَّما هو حَقٌّ يخْتَصُّ (١٦) بمالِ التِّجارَةِ، لِتَوسُّعِه فى دارِ الإِسلامِ، وانْتِفاعِه بالتجارَةِ فيها، فيَسْتَوِى فيه الرجلُ والمرأةُ، كالزَّكَاةِ فى حَقِّ المسلمين.

فصل: ولا يُعْشَرُون فى السَّنَةِ إلَّا مرَّةً، ولا يُؤْخَذُ من أقَل مِنْ عَشْرَةِ دنانِيرَ. نَصَّ عليهما أحمد. وحُكِىَ عن أبى عبد اللَّه ابنِ حامِد، أَنَّ الحَرْبِىَّ يُعْشَرُ كلَّما دخَلَ إلينا. وهو قولُ بعضٍ أصحابِ الشافِعِىِّ؛ لأنَّنا لو أخَذْنا منه مرَّةً واحِدَةً، لا نَأْمَنُ أَنْ يدخُلُوا، فإذا جاءَ


(١٢) القطنية: الحبوب التى تطبخ.
(١٣) أخرجه الإمام مالك، فى: باب عشور أهل الذمة، من كتاب الزكاة. الموطأ ١/ ٢٨١. والبيهقى، فى: باب ما يؤخد من الذمى إذا اتجر فى غير بلده، من كتاب الجزية. السنن الكبرى ٩/ ٢١٠. وعبد الرزاق، فى: باب صدقة أهل الكتاب، من كتاب أهل الكتاب. المصنف ٦/ ٩٩.
(١٤) سقط من: ب.
(١٥) فى م: "وكذلك".
(١٦) فى الأصل: "تخصيص".

<<  <  ج: ص:  >  >>