للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرُوه لا يَصِحُّ؛ فإنَّه قد لا يُوجَدُ قافَةٌ، وقد لا يعْترِفُ الرجلُ بما نُسِبَ إليه، أو يَغِيبُ، أو يموتُ، فلا يَنْتَفِى الولدُ. وإن قال: ما ولَدْتِهِ (١٣) وإنما الْتَقَطْتِه (١٤) أو اسْتَعَرْتِه (١٥). فقالت: بل هو وَلَدِى منكَ. لم يُقْبَلْ قولُ المرأةِ إلَّا بِبَيِّنةٍ. وهذا قولُ الشافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ؛ لأنَّ الوِلادةَ يُمْكِنُ إقامةُ الْبَيِّنةِ عليها، والأصلُ عَدَمُها، فلم تُقْبَلْ دَعْواها من غيرِ بَيِّنةٍ، كالدَّيْنِ. قال القاضى: وكذلك لا تُقْبَلُ دَعْوَاها للوِلادةِ، فيما إذا عَلَّقَ طَلاقَها بها، ولا دَعْوَى الأمةِ لها لِتَصِيرَ بها أُمَّ وَلَدٍ، ويُقْبَلُ قولُها فيها لِتَقْضِىَ عِدّتَها بها. فعلى هذا لا يَلْحَقُه الولدُ إلَّا أن تُقِيمَ بَيِّنةً، وهى امرأةٌ مَرْضِيَّةٌ، تَشْهَدُ بوِلادَتِها له، فإذا ثَبَتَتْ وِلادَتُها له، لَحِقَه نَسَبُه؛ لأنَّه وُلِدَ على فِراشِه، والوَلَدُ للفِرَاشِ. وذكر القاضِى، فى موضعٍ آخَرَ، أَنَّ القولَ قولُ المرأةِ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ} (١٦). وتَحْرِيمُ كِتْمانِه دليلٌ على قبولِ قَوْلِها فيه، ولأنَّه خارِجٌ من المرأةِ، تَنْقَضِى به عِدّتُها، فقُبِلَ قوُلها فيه، كالحَيْض، [ولأنَّه حُكْمٌ يتَعَلَّقُ بالوِلادةِ، فقُبِلَ قولُها فيه، كالحَيْضِ] (١٧). فعلى هذا، النَّسَبُ لَاحِقٌ به، فهل له نَفْيُه باللِّعانِ؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، ليس له نَفْيُه؛ لأنَّ إنْكارَه لوِلادَتِها إيَّاهْ، إقرارٌ بأنَّها لم تَلِدْه من زِنًى، فلا يُقْبَلُ إنكارُه لذلك، لأَنَّه تَكْذِيب لِنَفْسِه. والثانى، له نَفْيُه؛ لأنَّه رامٍ لزَوْجَتِه، ونافٍ لِوَلَدِها، فكان له نَفْيُه (١٨) باللِّعانِ، كغيرِه.

فصل: ومَنْ ولَدَتِ امرأتُه ولدًا لا يُمْكنُ كونُه منه فى النِّكاحِ، لم يَلْحَقْه نَسَبُه، ولم يَحْتَجْ إلى نَفْيِه؛ لأنَّه يعلمُ أنَّه ليس منه، فلم يَلْحَقْه، كما لو أتتْ به عَقِيبَ نِكَاحِه لها، وذلك مثل أن تَأْتِىَ به لدُون سِتَّةِ أشهرٍ مُنْذُ (١٩) تَزَوّجَها، فلا يَلْحَقُ به، فى قولِ كلِّ مَنْ


(١٣) فى الأصل، أ، ب: "ولدتيه".
(١٤) فى الأصل، أ: "التقطتيه".
(١٥) فى الأصل، أ، ب: "استعرتيه".
(١٦) سورة البقرة ٢٢٨.
(١٧) سقط من: ب. نقل نظر.
(١٨) فى الأصل: "نفيها".
(١٩) فى ب، م: "من حين".

<<  <  ج: ص:  >  >>