للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَزْنِ. وإن قال: وُطِئَتْ بشُبْهةٍ، والوَلَدُ من الْوَاطئ. فلا حَدَّ عليه أيضًا؛ لأنَّه لم يَقْذِفْها، ولا قَذَفَ واطِئَها. وإن قال: أُكْرِهَتْ على الزِّنَى. فلا حَدَّ أيضًا؛ لأنَّه لم يَقْذِفْهَا، ولا لِعانَ فى هذه المواضعِ؛ لأنَّه لم يَقْذِفْها، ومن شَرْطِ اللِّعانِ القَذْفُ، ويَلْحَقُه نَسَبُ الوَلَدِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وذكر القاضى أن (٦) فى هذه الصُّورةِ الآخِرَةِ (٧) روايةً أُخْرَى، أنَّ له اللِّعانَ؛ لأنَّه مُحْتاجٌ إلى نَفْىِ الولدِ، بخلافِ ما إذا قال: وُطِئَتْ بشُبْهةٍ. فإنَّه يمْكِنُ نَفْىُ النَّسَبِ بِعَرْضِ الولدِ على القافَةِ (٨)، فيُسْتَغْنَى بذلك عن اللِّعانِ، فلا يُشْرَعُ، كما لا يُشْرَعُ لِعانُ أمَتِه، لمَّا أمْكنَ نَفْىُ نَسَبِ ولدِها بدَعْوَى الاسْتِبْراءِ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. ولَنا، أن اللِّعانَ إنَّما وَرَدَ به الشَّرعُ بعدَ القَذْفِ، فى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ}. الآية (٩). ولمَّا لَاعَنَ النبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بين هِلالٍ وامرأتِه كان بعد قَذْفِه إيَّاها (١٠)، وكذلك لما لاعَنَ بين عُوَيْمِرٍ العَجْلانىِّ وامرأتِه كان بعد قَذْفِه إيَّاها (١١)، ولا يَثْبُتُ الحُكْمُ إلَّا فى مثلِه، ولأنَّ نَفْىَ اللِّعانِ إنَّما يَنْتَفِى به الولدُ بتَمامِه منهما، ولا يتَحَققُ اللِّعانُ من المرأةِ ههُنا. فأمَّا إن قال: وَطِئَكِ فلان بشُبْهةٍ، وأنت تَعْلَمِينَ الحالَ. فقد قَذَفَها، وله لِعانُها، ونَفْىُ نَسَبِ ولدِها، وقال القاضى: ليس له نَفْيُه باللِّعانِ. وكذلك قال أصحابُ الشافعىِّ؛ لأنَّه يُمْكِنُه نَفْىُ نَسَبِه (١٢) بعَرْضِه على القافةِ (٨)، فأشْبَهَ ما لو قال: واشْتَبَه عليكِ أيضًا. ولَنا، أنَّه رامٍ لزَوْجَتِه، فيدخلُ فى عمومِ قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}. ولأنَّه رامٍ لِزَوجَتِه بالزِّنَى، فمَلَكَ لِعانَها ونَفْىَ وَلَدِها، كما لو قال: زَنَى بكِ فلانٌ. وما


(٦) سقط من: ب.
(٧) فى ب: "الأخرى".
(٨) فى م: "القاذفة".
(٩) سورة النور ٦.
(١٠) تقدم تخريجه فى: ٥/ ٣٧٣.
(١١) تقدم تخريجه فى: ١٠/ ٣٣٠.
(١٢) فى ب: "نسب ولده".

<<  <  ج: ص:  >  >>