للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبَعُدَ أَثَرُه؛ لأنَّ هذا ظاهرٌ فى مَوْتِه، فكان ابْتداءُ المُدَّةِ منه، كما لو شَهِدَ به شاهِدَان. وللشافعىِّ وَجْهان، كالرِّوايتَيْنِ.

فصل: فإن قَدِمَ زَوجُها الأوَّلُ قبلَ أن تتزَوَّجَ، فهى امرأتُه. وقال بعضُ أصْحابِ الشافعىِّ: إذا ضُرِبَتْ لها المُدَّةُ، فانْقَضَتْ، بَطلَ نِكاحُ الأوَّلِ. والذى ذكرْنا أَوْلَى؛ لأنَّنا إنَّما أَبَحْنا لها التَّزْويجَ لأنَّ الظاهرَ مَوْتُه، فإذا بان حيًّا انْخَرَمَ ذلك الظَّاهرُ، وكان النكاحُ بحَالِه، كما لو شَهِدَتِ البَيِّنَةُ بمَوْتِه ثم بانَ حيًّا، ولأنَّه أحَدُ المِلْكَيْنِ، فأشْبَهَ مِلْكَ المالِ. فأمَّا إن قَدِمَ بعدَ أن تزَوّجَتْ نَظَرْنا؛ فإن كان قبلَ دُخُولِ الثاني بها، فهى زَوْجةُ الأوَّلِ، تُرَدُّ إليه، ولا شىءَ. قال أحمدُ: أمَّا قبل الدُّخولِ، فهى امرأتُه، وإنَّما التَّخْيِيرُ بعدَ الدُّخولِ. وهذا قولُ الحسنِ، وعَطاءٍ، وخِلَاسِ بن عمرٍو، والنَّخَعِىِّ، وقَتادةَ، ومالكٍ، وإسحاقَ. وقال القاضى: فيه روايةٌ أُخْرَى، أنَّه يُخَيَّرُ. وأخَذَه من عُمومِ قولِ أحمدَ: إذا تزَوَّجَتِ امرأتُه فجاء، خُيِّرَ بينَ الصَّداقِ وبينَ امرأتِه. والصحيحُ أنَّ عمومَ كلامِ أحمدَ يُحْمَلُ على خَاصِّه فى روايةِ الأثْرَمِ، وأنَّه لا تَخْيِيرَ إلَّا بعدَ الدُّخولِ، فتكونُ زَوْجةَ الأوَّلِ، روايةً واحدةً؛ لأنَّ النكاحَ إنَّما صَحَّ فى الظاهرِ دُونَ الباطنِ، فإذا قَدِمَ تبيَّنَّا أنَّ النكاحَ كان باطلًا؛ [لأنَّه صادَفَ امرأةً ذاتَ زَوْجٍ، فكان باطلًا] (٥٩)، كما لو شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بمَوْتِه، وليس عليه صداقٌ؛ لأنَّه نكاحٌ فاسدٌ لم يَتَّصِلْ به دخولٌ، وتعودُ (٦٠) إلى (٦١) الزَّوجِ بالعَقْدِ الأوَّلِ، كما لو لم تتزَوَّجْ. وإن قَدِمَ بعدَ دُخولِ الثاني بها. خُيِّرَ الأوَّلُ بينَ أخْذِها، فتكونُ امْرأتَه (٦٢) بالعَقْدِ الأوَّل، وبينَ أخْذِ صَداقِها، وتكونُ زوجةَ الثاني (٦٣). وهذا قولُ مالكٍ؛ لإِجْماعِ الصَّحابةِ عليه، فرَوَى مَعْمَرٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن سعيدِ بن المُسَيَّبِ، أنَّ عمرَ وعثمانَ قالا: إن جاء زَوْجُها الأوَّلُ، خُيِّرَ بين المرأةِ وبينَ


(٥٩) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(٦٠) فى م: "ويعود".
(٦١) سقط من: ب، م.
(٦٢) فى ب، م: "زوجته".
(٦٣) فى م: "للثانى".

<<  <  ج: ص:  >  >>