للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُذْرٌ لا صُنْعَ له فيه، فهو كالحَيْضِ.

فصل: وإِنْ أفْطَرَ لِسَفَرٍ مُبِيحٍ للفِطْرِ، فكلامُ أحمدَ يَحْتَمِلُ الأمْرَيْنِ؛ وأظْهَرُهُما، أنَّه لا يَقْطَعُ التَّتابُعَ؛ فإنَّه قال فى رِواية الأثْرَمِ: كانَ السَّفَرُ غيرَ المَرَضِ، وما يَنْبَغِى أَنْ يكونَ أوْكَدَ مِن رمضانَ. فظاهِرُ هذا أنَّه لا يَقْطَعُ التَّتابُعَ. وهذا قَوْلُ الحسنِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَنْقَطِعَ به التَّتابُعُ. وهو قَوْلُ مالِكٍ وأصْحابِ الرَّأْىِ. واخْتَلَفَ أصحابُ الشَّافِعِىِّ، فمنهم مَن قال: فيه قَوْلانِ كالمَرَضِ. ومِنهم مَنْ يقولُ: يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ، وَجْهًا واحِدًا؛ لأنَّ السَّفَرَ يَحْصُلُ باخْتِيارِه، فقَطَعَ التَّتابُعَ، كما لو أفْطَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ. ووَجْهُ الأوَّل، أنَّه فِطْرٌ لعُذْرٍ مُبِيحٍ للفِطْرِ (٧)، فلم يَنْقَطِع به التَّتابُعُ، كإفْطارِ المرأةِ للحَيْضِ (٨)، وفارَقَ الفطرَ لغيرِ عُذْرٍ، فإنَّه لا يُبَاحُ. وإن أكَلَ يَظُنُّ أنّ الفَجْر لم يَطْلُع، وقد كان طَلَع، أو أفْطَرَ يَظُنُّ أنّ الشَّمْسَ قد غابتْ، ولم تَغِب، أفْطَرَ. ويَتَخَرَّج فى انْقِطاعِ التَّتابُعِ وَجْهانِ؛ أحدُهما، لا يَنْقَطِع؛ لأنَّه فِطْرٌ لعُذْرٍ. والثَّانى، يَقْطع (٩) التَّتابُعَ؛ لأنَّه بفِعْلٍ أخْطَأ فيه، فأشْبَهَ ما لو ظَنَّ أنَّه قد أتَمَّ الشَّهْرَين فبانَ خِلافُه. وإِنْ أفطرَ ناسِيًا لوُجوبِ التَّتابُعِ، أو جاهلًا به أو (١٠) ظَنًّا منه أنَّه قد أتَمَّ الشَّهْرَيْنِ، انْقَطع التَّتابُعُ؛ لأنَّه أفْطَرَ لِجَهْلِه، فقطَعَ التَّتابُعَ، كما لو ظَنَّ أَنَّ الواجِبَ شهرٌ واحدٌ. وإِنْ أُكْرِهَ على الأكلِ أو الشُّرْبِ (١١)، بأنْ أُوجِرَ الطَّعامَ أو الشَّرابَ، لم يُفْطِر. وإِنْ أكَلَ خوفًا، فقال القاضِىِ: لا يُفْطِرُ. ولم يَذْكُرْ غيرَ ذلك. وفيه وجهٌ آخرُ، أنَّه يُفْطِرُ. فعلى ذلك هل يَقْطَع التَّتابُعَ؟ فيه وجهانِ؛ أحدُهما، لا يَقْطَعُه؛ لأنَّه عذرٌ مُبِيحٌ للفِطْرِ، فأشْبَهَ المرضَ. والثَّانى: يَنْقطِعُ التَّتابُعُ. وهو مذهبُ الشَّافعىِّ؛ لأنَّه أَفطَرَ بفِعْلِه لعُذْرٍ نادِرٍ.


(٧) فى م: "فقط" خطأ.
(٨) فى م: "بالحيض".
(٩) كذا، والأوفق: "ينقطع".
(١٠) سقط من: م.
(١١) فى الأصل، أ: "والشرب".

<<  <  ج: ص:  >  >>