للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَخْصِيصُها بذلك لِتَأْكِيدِها، لا لِتَخْصِيصِها، كقولِه عليه السلامُ: "ضَالَّةُ المُسْلِمِ حَرَقُ النَّارِ" (٣٥). وضَالَّةُ الذِّمِّىِّ مَقِيسَةٌ (٣٦) عليها.

فصل: إذا الْتَقَطَ لُقَطَةً، عازِمًا على تَمَلُّكِها بغير تَعْرِيفٍ، فقد فَعَلَ مُحَرَّمًا، ولا يَحِلُّ له أخْذُها بهذه النَّيّةِ، فإذا أخَذَها، لَزِمَه ضَمَانُها، سواءٌ تَلِفَتْ بتَفْرِيطٍ (٣٧) أو بغير تَفرِيطٍ، ولا يَمْلِكُها وإن عَرَّفَها؛ لأنَّه أخَذَ مالَ غيرِه على وَجْهٍ لا يجوزُ له أخْذُه، فأشْبَه الغاصِبَ. نَصَّ على هذا أحمدُ، ويَحْتَمِلُ أن يَمْلِكَها؛ لأنَّ مِلْكَها بالتَّعْرِيفِ والالْتِقَاطِ، وقد وُجِدَ، فيَمْلِكُها به، كالاصْطِيادِ والاحْتِشَاشِ، فإنَّه لو دَخَلَ حائِطًا لغيرِه بغيرِ إذْنِه، فاحْتَشَّ أو اصْطادَ منه صَيْدًا، مَلَكَه، وإن كان دُخُولُه مُحَرَّمًا، كذا ههُنا. ولأنَّ عُمُومَ النَّصِّ يَتَناوَلُ هذا المُلْتَقَطَ، فيَثْبُتُ حُكْمُه فيه، ولأنَّنا لو اعْتَبَرْنَا نِيَّةَ التَّعْرِيفِ وَقْتَ الالْتِقاطِ، لَافْتَرَقَ الحالُ بين العَدْلِ والفاسِقِ والصَّبِىَّ والسَّفِيهِ؛ لأنَّ الغالِبَ على هؤلاءِ الالْتِقَاطُ لِلتَّمَلُّكِ من غيرِ تَعرِيفٍ.

٩٤١ - مسألة؛ قال: (وحَفِظَ وِكَاءَهَا وعِفَاصَهَا، وحَفِظَ عَدَدَها وصِفَتَهَا)

الأصْلُ في هذا قولُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، في حَدِيثِ زَيْدِ بن خالِدٍ: "اعْرفْ وِكَاءَها وعِفَاصَها" (١). وقال في حَدِيثِ أُبَىّ بن كَعْبٍ: "اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَها وعَدَدَها، ثُمَّ عَرِّفْها سَنَةً" (٢). وفى لَفْظٍ عن أُبَىّ بن كَعْبٍ، أنَّه قال:


(٣٥) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في النهى عن الشرب قائما، من أبواب الأشربة. عارضة الأحوذى ٨/ ٧٤. وابن ماجه، في: باب ضالة الإبل والبقر والغنم، من كتاب اللقطة. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٣٦. والدارمى، في: باب في الضالة، من كتاب البيوع. سنن الدارمي ٢/ ٢٦٦. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٢٥، ٥/ ٨٠.
(٣٦) في الأصل: "مقيس".
(٣٧) في م: "بتفريطه".
(١) تقدم تخريجه في صفحة ٢٩٠.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>