للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك. ثمَّ اشْتَراها منه بعد ذلك بِعَقْدٍ مُبْتَدِىءٍ وحَسَبَ الدِّرْهَمَ من الثَّمَنِ، صَحَّ، لأنَّ البَيْعَ خَلا عن الشَّرْطِ المُفْسِدِ. ويَحْتَمِلُ أنَّ الشِّراءَ الذى اشْتُرِىَ لِعمرَ كان على هذا الوَجْهِ، فيُحْمَلُ عليه جَمْعًا بين فِعْلِه وبين الخَبَرِ، ومُوافَقَةِ القِيَاسِ، والأئِمَّةِ القائِلِينَ بِفَسادِ العُرْبُونِ. وإن لم يَشْتَرِ السِّلْعَةَ فى هذه الصُّورَةِ، لم يَسْتَحِقّ البائِعُ الدِّرْهَمَ؛ لأنَّه يَأْخُذُه بغيرِ عِوَضٍ، ولِصاحِبِه الرُّجُوعُ فيه، ولا يَصِحُّ جَعْلُه عِوَضًا عن انْتِظارِه، وتَأْخيرِ بَيعِه من أجْلِه، لأنَّه لو كان عِوَضًا عن ذلك، لَما جازَ جَعْلُه من الثَّمَنِ، فى حال الشِّراءِ، ولأنَّ الانْتِظارَ بِالبَيْعِ لا تجوزُ المُعاوَضَةُ عنه، ولو جازَتْ لَوَجَبَ أن يكونَ مَعْلُومَ المِقْدارِ، كما فى الإِجارَةِ.

٧٦٧ - مسألة، قال: (وإذَا قال: بِعْتُكَ بِكَذَا عَلَى أنْ آخُذَ مِنْكَ الدِّينَارَ بِكَذَا. لم يَنْعَقِدِ البَيْعُ، وكَذلِك إنْ بَاعَهُ بِذَهَبٍ، عَلَى أنْ يَأْخُذَ مِنْهُ دَرَاهِمَ بِصَرْفٍ ذَكَرَاهُ)

وجُمْلَتُه، أنَّ البَيْعَ بهذه الصِّفَةِ باطِلٌ؛ لأنَّه شَرَطَ فى العَقْدِ أن يُصارِفَه (١) بالثَّمَنِ الذى وَقَعَ العَقْدُ به، والمُصارَفَةُ عَقْدُ بَيْعٍ، فيكون بَيْعَتانِ فى بَيْعَةٍ. قال أحمدُ: هذا مَعْناه، وقد رَوَى أبو هُرَيْرَةَ قال: نَهَى رسولُ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن بَيْعَتَيْنِ فى بَيْعَةٍ. أخْرَجَه التِّرمِذِيُّ (٢)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرُوِىَ أيضًا عن عبدِ اللهِ بن عَمْرٍو (٣)، عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهكذا كلُّ ما كان فى مَعْنَى هذا، مثل أن يقولَ: بِعْتُكَ دارِى هذه على أن أبِيعَكَ دارِى الأُخْرَى بكذا. أو على أن تَبِيعَنِى دارَك.


(١) فى الأصل: "لا يصارفه".
(٢) فى: باب ما جاء فى النهى عن بيعتين فى بيعة، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٣٩.
كما أخرجه النسائى، فى: باب بيعتين فى بيعة، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٦٠. والإِمام مالك، فى: باب النهى عن بيعتين فى بيعة، من كتاب البيوع. الموطأ ٢/ ٦٦٣. والإِمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٤٣٢، ٤٧٥، ٥٠٣.
(٣) حديث عبد اللَّه بن عمرو سيأتى فى الفصل الثانى من هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>