للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجُمْلةَ بالجملةِ، فيَنْصَرِفُ (٣٢) إلى مُقابَلةِ البعضِ بالبعضِ، كقَوْلِه: رَكِبَ الناسُ دَوَابَّهُمْ، ولَبِسُوا ثِيابَهم، وأخَذُوا رِمَاحَهم. يُرِيدُ لَبِسَ كلُّ إنسانٍ ثَوْبَه، ورَكِبَ دابَّتَه، وأخَذَ رُمْحَه. وكذلك لو (٣٣) قال: أعْتَقُوا عَبِيدَهم. كان معناه، أعْتَقَ كلُّ واحدٍ عَبْدَه. وقال القاضى: هذا تَعْلِيقٌ للحُرِّيَّةِ بمَوْتِهِما جميعًا، وإنَّما قال أحمدُ: يَعْتِقُ نَصِيبُه؛ بناءً على أَنَّ وُجُودَ بعضِ الصِّفَةِ يقومُ مَقامَ جَمِيعِها. ولا يَصِحُّ هذا؛ لأَنَّه لو كانت هذه العِلَّةَ، لعَتَقَ العبدُ كلُّه، لوُجُودِ بعضِ صِفَةِ كلِّ واحدٍ منهما، ولأنَّنا قد أبْطَلْنا هذا القولَ بما ذكَرْنا مِن قبلُ، ومُقْتَضَى قولِ القاضى أن لا يَعْتِقَ شىءٌ منه قبلَ مَوْتِهِما جميعا. وإن قال كلُّ واحدٍ منهما: أرَدْتُ أَنَّ العبدَ حُرٌّ بعدَ آخِرِنَا مَوْتًا. انْبَنَى هذا على تَعْلِيقِ الحُرِّيَّةِ على صِفَةٍ تُوجَدُ بعدَ المَوْتِ، وقد ذكَرْنا الخِلافَ فى ذلك؛ فإِن قُلْنا بجَوَازِ ذلك، عَتَقَ بعدَ مَوْتِ الآخِرِ منهما، عليهما جميعًا، وإن قُلْنا: لا يَصِحُّ ذلك. عَتَقَ نَصِيبُ الآخِرِ منهما بالتَّدْبِيرِ. وفى سِرَايَتِه إلى باقِيه، إن كان ثُلثُه يَحْتَمِلُ ذلك، رِوَايتان. وإن قال كل واحدٍ منهما: إذا مِتُّ قبلَ شَرِيكِى، فنَصِيبِى له، فإذا مات فهو حُرٌّ، وإن مِتُّ بعدَه، فنَصِيبِى حُرٌّ. فقد وَصَّى كلُّ واحدٍ منهما للآخَرِ، فإذا مات أحَدُهما، صار العبدُ كلُّه للآخَرِ، فإذا مات، عَتَقَ كلُّه عليه، وصار وَلاؤُه كلُّه له، إن قُلْنا: لا يَصِحُّ تَعْلِيقُ العِتْقِ على صِفَةٍ بعدَ المَوْتِ. وإن قُلْنا: يَصِحُّ. عَتَقَ عليهما، ووَلاؤُه بينهما.

١٩٦٨ - مسألة؛ قال: (وَلَهُ بَيْعُهُ فِى الدَّيْنِ)

ظاهرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، أنَّه لا يُباعُ فى الدَّيْنِ. وقد أَوْمأَ إليه أحمدُ. وقال مالِكٌ: لا يُباعُ إِلَّا فى دَيْن يَغْلِبُ رَقَبةَ العبدِ، فإذا كان العَبْدُ يُساوِى ألْفًا، فكان عليه خَمْسُمائةٍ، لم يَبعِ العبدَ. ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه قال: أنا أرَى بَيعَ المُدَبَّرِ فى الدَّيْنِ، وإذا كان فَقِيرًا لَا يَمْلِكُ شيئًا، رأيتُ أن أَبِيعَه؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قد باعَ المُدَبَّرَ، لَمَّا عَلِمَ أَنَّ صاحِبَه لا يَمْلِكُ


(٣٢) فى الأصل: "فتصرف". وفى ب، م: "فيصرف".
(٣٣) فى م: "إن".

<<  <  ج: ص:  >  >>