للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئًا غيرَه، باعَه النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-[لمَّا عَلِمَ] (١) حاجَتَه (٢). وهذا قولُ إسْحاقَ، [وأبى أيُّوبَ، وأبى خَيْثمةَ] (٣)، وقالا: إن باعَهُ من غيرِ (٤) حاجةٍ، أجَزْناه. ونَقَلَ جَماعةٌ عن أحمدَ، جوازَ بَيْعِ المُدَبَّرِ مُطْلَقًا؛ فى الدَّيْنِ وغيرِه، مع الحاجةِ وعَدَمِها. قال إسماعيلُ بن سعيدٍ: سألت أحمدَ عن بَيْعِ المُدَبَّرِ، إذا كان بالرَّجُلِ حاجةٌ إلى ثَمَنِه، قال: له أن يَبِيعَه، مُحْتاجًا كان إلى ذلك أو غيرَ محتاجٍ. وهذا هو الصَّحِيحُ. ورُوِىَ مثلُ هذا عن عائشةَ، وعمرَ بن عبد العزيزِ، وطاوُسٍ، ومُجاهِدٍ. وهو قولُ الشافعىِّ. وكَرِهَ بَيْعَه ابنُ عمرَ، وسعيدُ بن المُسَيَّبِ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، وابنُ سِيرِينَ، والزُّهْرِىُّ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعىُّ، والحسنُ بن صالحٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، ومالكٌ؛ لأنَّ ابنَ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُما، رَوَى أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "لَا يُبَاعُ المُدَبَّرُ، وَلا يُشْتَرَى" (٥). ولأنَّه اسْتَحَقَ العِتْقَ بمَوْتِ سَيِّدِه، أشْبَهَ أُمَّ الولَدِ. ولَنا، ما رَوَى جابرٌ، رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ، أن رَجُلًا أعْتَقَ مَمْلُوكًا له عن دُبُرٍ، فاحْتاجَ، فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّى؟ ". فباعَه من نُعَيْمِ بن عبدِ اللَّهِ بِثَمانِمائةِ دِرْهَمٍ، فدَفَعَها إليه، وقال: "أنْتَ أحْوَجُ مِنْهُ". مُتَّفَقٌ عليه (٢). قال جابرٌ: عَبْدٌ (٦) قِبْطىٌّ، مات عامَ أَوَّلَ، فى إمارةِ ابنِ الزُّبَيْرِ. وقال أبو إسْحاقَ الجُوزَجانىُّ: صَحَّتْ أحادِيثُ بَيْعِ المُدَبَّرِ، باسْتِقامةِ الطُّرُقِ، والخَبَرُ إذا ثَبَتَ اسْتُغْنِىَ به عن غيرِه مِن رَأْىِ الناسِ. ولأنَّه عِتْقٌ بصِفَةٍ، ثَبَتَ بقولِ المُعْتِقِ (٧)، فلم يَمْنَعِ البَيْعَ، كما لو قال: إن دخَلْتَ الدَّارَ، فأنتَ حُرٌّ. ولأنَّه تَبَرُّعٌ بمالٍ بعدَ الموتِ، فلَم يَمْنَعِ البَيْعَ فى الحياةِ، كالوَصِيَّةِ. قال أحمدُ: هم يقولون: مَنْ قال: غُلَامِى حُرٌّ، رأسَ الشَّهْرِ. فله بَيعُه قبلَ رأْسِ الشهرِ. وإن قال: غدًا. فله بَيْعُه اليومَ. وإن قال: إذا مِتُّ.


(١) سقط من: أ.
(٢) تقدم تخريجه، فى: صفحة ٤١٢.
(٣) فى أ: "وأبى ثور وأبى حنيفة".
(٤) فى ب: "لغير".
(٥) انظر: ما أخرجه الدارقطنى، فى: كتاب المكاتب. سنن الدارقطنى ٤/ ١٣٨. والبيهقى، فى: باب من قال: لا يباع المدبر ولا يشترى، من كتاب المدبر. السنن الكبرى ١٠/ ٣١٤. وانظر: إرواء الغليل ٦/ ١٧٧.
(٦) سقط من: ب.
(٧) فى الأصل: "العتق".

<<  <  ج: ص:  >  >>