للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو مَغْصُوبًا، فلها قِيمَتُه. وبهذا قال أبو يوسفَ، والشافعىُّ فى قَدِيمِ قَوْلَيْه. وقال فى الجَدِيدِ: لها مَهْرُ المِثْلِ. وقال أبو حنيفةَ ومحمدٌ فى المَغْصُوبِ كقولِنا، وفى الحُرِّ كقَوْلِه؛ لأنَّ العَقْدَ تَعَلَّقَ بعَيْنِ الحُرِّ بإشَارَتِه إليه، فأشْبَهَ ما لو عَلِمَاه حُرًّا. ولَنا، أنَّ العَقْدَ وَقَعَ على التَّسْمِيَةِ، فكانت لها قِيمَتُه، كالمَغْصُوبِ، ولأنَّها رَضِيَتْ بقِيمَتِه، إذْ ظَنَّتْه مَمْلُوكًا، فكان لها قِيمَتُه، كما لو وَجَدَتْه مَعِيبًا فرَدَّتْه، بخلافِ ما إذا قال: أصْدَقْتُكِ هذا الحُرَّ، أو هذا المغصوبَ. فإنَّها رَضِيَتْ بلا شىءٍ، لرِضَاها بما تَعْلَمُ أنَّه ليس بمالٍ، أو بما لا يَقْدِرُ على تَمْلِيكِه إيَّاها، فكان وُجُودُ التَّسْمِيةِ كعَدَمِها، فكان لها مَهْرُ المِثْلِ. وقولُ الخِرَقِىِّ: "سواء سَلَّمه إليها أو لم يُسَلِّمْه". يعنى أَنَّ تَسْلِيمَه لا يُفِيدُ شيئًا؛ لأنَّه سَلَّمَ ما لا يجوزُ تَسْلِيمُه، ولا تَثْبُتُ اليَدُ عليه، فكان وُجودُه كعَدَمِه.

فصل: فإن أصْدَقَها مِثْلِيًّا، فبان مَغْصُوبًا، فلها مِثْلُه؛ لأنَّ المِثْلَ أقْرَبُ إليه، ولهذا يُضْمَنُ به فى الإِتْلافِ. وإن أصْدَقَها جَرَّةَ خَلٍّ، فخَرَجَتْ خَمْرًا أو مغصوبةً، فلها مِثْلُ ذلك خَلًّا؛ لأنَّ الخَلَّ من ذواتِ الأمْثالِ. وهذا مذهبُ أبى حنيفةَ، وبعضِ أصحابِ الشافعىِّ. وقال القاضى: لها قِيمَتُه؛ لأنَّ الخَمْرَ ليس بمالٍ، ولا من ذواتِ الأمثالِ. والصحيحُ ما قُلْناه؛ لأنَّه سَمَّاه خَلًّا، فرَضيَتْ به على ذلك، فكان لها بَدَلُ المُسَمَّى كالحُرِّ، وما ذكَره يَبْطُلُ بما إذا (٣) أصْدَقها عبدًا فبان حُرًّا، ولأنَّه إن أَوْجَبَ قِيمَةَ الخَمْرِ، فالخمرُ لا قِيمةَ له، وإن أوْجَبَ قيمةَ الخَلِّ، فقد اعْتَبَرَ التَّسْمِيةَ فى إيجابِ قِيمَتِه، ففى إيجابِ مِثْلِه أَوْلَى.

فصل: وإن قال: أصْدَقْتُكِ هذا الخمرَ. وأشارَ إلى الخَلِّ. أو عَبْدَ فلان هذا. وأشار إلى عبدِه. صَحَّتِ التَّسْمِيَةُ، ولها المُشارُ إليه؛ لأنَّ المَعْقودَ عليه يَصِحُّ العَقْدُ عليه، فلا يَخْتَلِفُ حُكْمُه باخْتِلافِ صِفَتِه، كما لو قال: بِعْتُكِ هذا الأسودَ. وأشارَ إلى أبْيَضَ. أو هذا الطويل. وأشار إلى قصِيرٍ.


(٣) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>