للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أن يُقيمَ البَيِّنَةَ بثلاثةٍ (٨٧)، وخُذْ درهمًا إلَّا أن تُريدَ أكثرَ منه. ومنه قولُ النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا (٨٨)، إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ" (٨٩). أى أنّ بيعَ الخيارِ يَثْبُتُ (٩٠) الخيارُ فيه بعدَ تَفَرُّقِهما. وإن قال: أنتِ طالقٌ ثلاثًا، إلَّا أن تشائِى واحدةً. فقالت: قد شئتُ واحدةً. طَلُقَتْ واحدةً، على قولِ أبى بكرٍ. وعلى قولِهم: لا تَطْلُقُ شيئًا.

فصل: فإن قال: أنتِ طالقٌ لِمَشيئةِ فلانٍ. أو: لرِضَاه. أو: له. طَلُقَتْ فى الحالِ؛ لأنَّ مَعْناه أنتِ طالقٌ لكَوْنِه قد شاءَ ذلك، أو رَضِيَه، أو لِيَرْضَى به، كقولِه: هو حُرٌّ لوجهِ اللَّهِ، أو لرِضَى اللَّهِ. فإن قال: أردتُ به الشَّرْطَ. دِينَ. قال القاضى: يُقبَلُ فى الحُكْمِ؛ لأنَّه مُحْتمِلٌ؛ فإنَّ ذلك يُسْتَعْمَلُ للشَّرْطِ، كقولِه: أنتِ طالقٌ للسُّنَّةِ. وهذا أظهرُ الوَجْهينِ لأصْحابِ الشَّافعىِّ.

فصل: فإن قال: أنتِ طالقٌ إن أحْبَبْتِ. أو: إن أردتِ. أو: إن كَرِهْتِ. [احْتمَلَ أن يَتعلَّقَ الطَّلاقُ بقولِها بلسانِها: قد أحببتُ. أو: أردتُ. أو: كَرِهتُ] (٩١). لأنَّ هذه المعانى فى القلبِ، لا يُمْكِنُ الاطِّلاعُ عليها إلَّا مِن قِبَلِهَا (٩٢)، فتَعَلَّقَ الحُكمُ بقَوْلِها (٩٣)، كالمَشِيئةِ. ويَحْتَمِلُ أن يَتعلَّقَ الحُكْمُ بما فى القلبِ مِنْ ذلك، ويكونَ اللسانُ دليلًا عليه. فعلى هذا، لو أقرَّ الزَّوجُ بوُجودِه، وقَعَ طلاقُه، وإن لم يَتَلَفَّظْ به، ولو قالتْ: أنا (٩٤) أُحِبُّ ذلك. ثم قالت: كنتُ كاذبةً. لم تَطْلُقْ. وإن قال: إن كُنْتِ تُحبِّينَ أن يُعذِّبَكِ اللَّهُ بالنَّارِ فأنتِ طالقٌ. فقالت: أنا (٩٤) أُحِبُّ ذلك.


(٨٧) فى م: "بثالثة".
(٨٨) فى ب: "يفترقا".
(٨٩) تقدم تخريجه فى: ٦/ ٦.
(٩٠) فى أ، ب، م: "ثبت".
(٩١) سقط من: ب.
(٩٢) فى م: "قولها".
(٩٣) فى م: "بها".
(٩٤) فى ب: "إنما".

<<  <  ج: ص:  >  >>