للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١٠). وليست حالَةَ سُكُوتٍ، فيُعْلَمُ أنَّه عليه السَّلامُ قد كان يَزِيدُ على هذه الكلماتِ، لكَوْنها لا تَسْتَغْرِقُ هذا (١١) القيامَ كلَّه، ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه قِيلَ له: أفَلَا يَزِيدُ على هذا فيقُول: أهْلَ الثَّناءِ والمَجْدِ؟ فقال: قد رُوِىَ ذلك، وأمَّا أنا فأقولُ هذا، إلى "مَا شِئْتَ مِنْ شَىْءٍ بعدُ". فظاهِرُ هذا أنَّه لا يُسْتَحَبُّ ذلك في الفَرِيضَةِ اتِّباعًا لأكْثَرِ الأحاديثِ الصَّحيحةِ.

فصل: إذا قال مكانَ "سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ": "مَن حَمِدَ اللهَ سَمِعَ له". لم يُجْزِئْهُ. وقال أصْحابُ الشافعىِّ: يُجْزِئُه؛ لأنَّه أتَى باللَّفْظِ والمَعْنَى. ولَنا، أنَّه عَكَسَ اللَّفْظَ المشروع، فلم يُجْزِئْه، كما لو قال في التَّكْبِيرِ: الأكْبَرُ اللهُ. ولا نُسَلِّمُ أنه أتى بالمَعْنَى؛ فإنَّ قَوْلَهُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. صِيغَةُ خَبَرٍ، تَصْلُحُ دُعَاءً، واللَّفظُ الآخَرُ صيغَةُ شَرْطٍ وجَزَاءٍ، لا تَصْلُحُ لذلك، فهما مُتَغَايِرَانِ.

فصل: إذا رَفَعَ رأسه مِن الرُّكُوعِ، فَعَطَسَ، فقال: رَبَّنَا ولَكَ الحَمْدُ. يَنْوِى بذلك لِما عَطَسَ وللرَّفْعِ، فرُوِىَ عن أحمدَ أنَّه لا يُجْزِئُه؛ لأنَّه لم يُخْلِصْه لِلرَّفْعِ مِن الرُّكُوعِ. والصَّحِيحُ أنَّ هذا يُجْزِئهُ؛ لأنَّ هذا ذِكْرٌ لا تُعْتَبَرُ له النِّيَّةُ، وقد أتَى به فأجْزَأه، كما لو قال ذَاهِلًا وقَلْبُه غيرُ حَاضِرٍ. وقولُ أحمدَ يُحْمَلُ على الاسْتِحْبَابِ، لا علَى نَفْىِ الإِجْزَاءِ حَقِيقَةً.

فصل: إذَا أتَى بِقَدْرِ الإِجْزَاءِ مِن الرُّكُوعِ، فاعْتَرَضَتْهُ عِلَّةٌ مَنَعَتْهُ مِن القِيامِ، سَقطَ عنه الرَّفْعُ؛ لِتَعَذُّرِه، ويَسْجُدُ عن الرُّكُوعِ. فإنْ زَالَت العِلَّةُ قبلَ سُجُودِهِ فعليه القيامُ؛ لإِمْكَانِه. فإنْ زَالَتْ بعدَ سُجُودِه إلى الأرضِ، سقطَ القيامُ؛ لأنَّ السُّجودَ قد صَحَّ وأجْزَأ (١٢)، فسَقَطَ ما قبله. فإنْ قامَ مِن سُجُودِهِ


(١٠) في: باب اعتدال أركان الصلاة وتخفيفها في تمام، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم ١/ ٣٤٤. كما أخرجه أبو داود، في: باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٩٦. والإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ٢٠٣، ٢٤٧.
(١١) سقط من: الأصل.
(١٢) في م: "وأجزأه".

<<  <  ج: ص:  >  >>