للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ورَوَى أبو عُبَيْدٍ، بإسْنَادِه، عن عُرْوَةَ (٢٥)، أنه قال: قَرَأْتُ في مُصْحَفِ أُبَىِّ بن كَعْبٍ] (٢٦) هاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ: "اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكُ. اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ". وقال ابنُ سِيرِينَ: كَتَبَهُما أُبَىٌّ في مُصْحَفِهِ. يَعْنِى إلى قَوْلِه: "بالكُفَّارِ (٢٧) مُلْحِقٌ". قال ابنُ قُتَيْبَةَ: "نَحْفِدُ" نُبَادِرُ. وأصل الحَفْدِ: مُدَارَكَةُ الخَطْوِ والإِسْرَاعِ (٢٨). "والجِدُّ" بِكَسْرِ الجِيمِ، أي الحَقُّ لا اللَّعِبُ، "مُلْحِقٌ" بِكَسْرِ الحاءِ لاحِقٌ. وهكذا يُرْوَى هذا الحَرْفُ، يقال: لَحِقْتُ القَوْمَ وأَلْحَقْتُهم بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ومن فَتَحَ الحَاءَ أرَاد أن اللهَ يُلْحِقُهُ إيَّاهُ، وهو مَعْنًى صَحِيحٌ، غيرَ أن الرِّوَايَةَ هي الأُولَى. وقال الخَلَّالُ: سألْتُ ثَعْلَبًا عن مُلْحِقٍ ومُلْحَقٍ؟ فقال: العربُ تَقُولُهما مَعًا.

فصل: إذا أخَذَ الإِمامُ في القُنُوتِ، أَمَّنَ مَن خَلْفَهُ. لا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا. وقالَه إسْحَاقُ. وقال القاضي: وإن دَعَوْا معه فلا بَأْسَ. وقيل لأحمدَ: إذا لم أسْمَعْ قُنُوتَ الإِمامِ أدْعُو؟ قال: نعم. فيَرْفَعُ يَدَيْهِ في حالِ القُنُوتِ. قال الأثْرَمُ: كان أبو عبدِ اللهِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ في القُنُوتِ إلى صَدْرِهِ. واحْتَجَّ بأنَّ ابنَ مسعودٍ رَفَعَ يَدَيْهِ في القُنُوتِ إلى صَدْرِه. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ، وابنِ عَبَّاسٍ. وبه قال إسْحَاقُ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ. وأنْكَرَهُ مالِكٌ، والأوْزَاعِىُّ، وَيزِيدُ بنُ أبى مريمَ (٢٩). ولَنا، قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا دَعَوْتَ اللهَ فادْعُ بِبُطُونِ كَفَّيْكَ، وَلا تَدْعُ بِظُهُورِهِما، فإذا فَرَغْتَ فامْسَحْ بِهِمَا وَجْهَكَ". رَوَاه أبو دَاوُدَ، وابنُ مَاجَه (٣٠). ولأنَّه فِعْلُ مَن سَمَّيْنَا


(٢٥) في الأصل: "عزرة".
(٢٦) سقط من: أ.
(٢٧) في الأصل، أ: "بالكافرين".
(٢٨) غريب الحديث ١/ ١٧٠.
(٢٩) يزيد بن أبي مريم - ويقال يزيد بن ثابت بن أبي مريم - الدمشقى، إمام الجامع بدمشق، ثقة لا بأس به. توفى سنة أربع وأربعين ومائة. تهذيب التهذيب ١١/ ٣٥٩، ٣٦٠.
(٣٠) أخرجه أبو داود، في: باب الدعاء، من كتاب الوتر. سنن أبي داود ١/ ٣٤٢. وابن ماجه، في: باب من رفع يديه في الدعاء ومسح بهما وجهه، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>