للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَصْمُ غيرَه؛ لأنَّه أجْنَبِىٌّ منهم، فقُبِلتْ شَهادتُه لهم، كما بعدَ زَوالِ الوَصِيَّةِ. ولَنا، أنَّه شهِدَ بشىءٍ هو خَصْمٌ فيه، فإنَّه الذى يُطالِبُ بحُقوقِهم، ويُخاصِمُ فيها، ويتَصرَّفُ فيها، فلم تُقْبَلْ شَهادتُه، كما لو شَهِدَ بمالِ نفسِه، ولأنَّه يأخْذُ من (٣) مالهِمِ عندَ الحاجةِ. فيكونُ مُتَهَمًا فى الشَّهادةِ به. فأمَّا قولُه: إذا كانوا فى حِجْرِه. فإنَّه يَعْنِى أنَّه لو (٤) شَهِدَ لهم بعدَ زَوالِ وِلايتِهِ عنهم، قُبِلَتْ شَهادتُه؛ لزَوالِ المعنى الذى مَنَعَ قبُولَها. والحُكْمُ فى أمينِ الحاكمِ يشْهَدُ للأيْتامِ الذين هم تحتَ ولايتِه، كالحُكْمِ فى الوَصِىِّ، سواءً.

١٩٣٢ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا شَهِدَ مَنْ يُخْنَقُ فِى الْأَحْيَانِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِى إِفَاقَتِهِ)

قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ على هذا كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ، وممَّن حَفِظْنا عنه ذلك؛ مالكٌ، والثَّوْرِىُّ، والشَّافعىُّ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. ولا أحْسَبُه إِلَّا مذهبَ أهلِ الكُوفةِ؛ وذلك لأنَّ الاعْتِبارَ فى الشَّهادةِ بحالِ أدائِها، وهو فى وقتِ الأداءِ من أهلِ التَّحْصيلِ والعَقْلِ الثَّابتِ، فقُبِلتْ شَهادتُه، كالصَّبِىِّ إذا كَبِرَ، ولأنه عَدْلٌ غيرُ مُتَّهَمٍ، فقُبِلتْ شهادتُه، كالصَّحِيحِ، وزَوالُ عَقْلِه فى غيرِ حالِ الشَّهادةِ، لا يَمْنَعُ قَبولَها، كالصَّحيحِ الذى ينامُ، والمريض الذى يُغْمَى عليه فى بعضِ الأحْيانِ.

١٩٣٣ - مسألة؛ قال: (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الطَّبِيبِ فِى الْمُوضِحَةِ، إِذَا لَمْ يُقْدَرْ عَلَى طَبِيبَيْنِ، وَكَذَلِك الْبَيْطَارُ فِى دَاءِ الدَّابَّةِ)

وجملتُه أنَّه إذا اختُلِفَ فى الشَّجَّةِ، هل هى مُوضِحَةٌ أو لا؟ أو فيما كان أكثرَ منها، كالهاشِمَةِ، والمُنَقِّلَةِ، والآمَّةِ، والدَّامِغَةِ، أو أصْغرَ منها، كالباضِعَةِ، والمُتلاحِمَةِ، والسِّمْحاقِ، أو فى الجائفِة، وغيرِها من الجِراحِ، التى لا يَعْرِفُها إِلَّا الأَطِبَّاءُ، أو اخْتلَفا فى داءٍ يَخْتَصُّ بمَعْرِفتِه الأَطِبَاءُ، أو فى داءِ الدَّابَةِ، فظاهرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ أنَّه إذا قُدِرَ على طَبِيبيْنِ، أو بَيْطارَيْن، لا يُجْزئُ واحدٌ (١)؛ لأنَّه ممَّا يطَّلِعُ عليه الرجالُ، فلم تُقْبَلْ فيه


(٣) سقط من: الأصل.
(٤) فى أ: "إن".
(١) فى الأصل، ب: "بواحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>