للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَدْعُوُّ من أهْلِ الكِتابِ، أو مَجُوسًا، دَعاهم إلى الإِسلامِ، فإنْ أبَوْا، دَعاهُم إلى إعطاءِ الجِزْيَةِ، فإن أَبَوْا، قَاتَلَهُم، وإنْ كانُوا من غَيْرِهم، دَعاهُم إلى الإِسْلامِ، فإنْ أَبَوْا، قاتَلَهُم، وَمنْ قُتِلَ مِنْهم قبلَ الدُّعاءِ لم يُضْمَنْ؛ لأنَّه لا إِيمان له ولا أمانَ، فلم يُضْمَنْ، كنِسَاءِ مَن بلغَتْه (١٠) الدَّعْوةُ وصِبْيانِهم.

١٦٢٨ - مسألة؛ قال: (ويُقاتَلُ أهلُ الْكِتَابِ والْمَجُوسُ حَتَّى يُسْلِمُوا، أو يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ، ويُقاتَلُ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ حَتَّى يُسْلِمُوا)

وجملتُه أنَّ الكُفَّارَ ثلاثةُ أقسامٍ؛ قسمٌ أهلُ كتابٍ، وهم اليهودُ، والنَّصارَى، ومن اتَّخَذَ التَّوْراةَ أو الإِنْجِيلَ (١) كتابًا، كالسَّامِرَةِ (٢) والفرنجِ ونحوِهم، فهؤلاء تُقْبَلُ منهم الْجِزْيَةُ، ويُقَرُّونَ على دِينِهم إذا بَذَلوها؛ لقولِ اللَّه تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (٣). وقسمٌ له (٤) شُبْهَةُ كتابٍ، وهم المَجُوسُ، فحُكْمُهُم حُكْمُ أَهْلِ الكتابِ، في قَبُولِ الجِزْيَةِ منهم، وإقْرارِهم بها؛ لقولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أهْلِ الْكِتَابِ" (٥). ولا نَعْلَمُ بَيْنَ أهلِ العِلْمِ خِلافًا في هذَيْنِ القِسْمَيْن. وقسمٌ لا كتابَ لهم، ولا شُبْهَةَ كتابٍ، وهو (٦) مَنْ عَدَا هذَيْنِ القِسْمَيْن، مِنْ عَبَدةِ الأَوْثانِ، ومَنْ عَبَدَ ما اسْتَحْسَنَ، وسائرِ الكُفَّار، فلا تُقْبَلُ منهم الجِزْيَةُ، ولا يُقْبَلُ منهم سِوَى الإِسْلامِ. هذا ظاهِرُ المذهبِ. وهو مذهبُ الشافِعِيِّ. ورُوِىَ عن أحمد، أنَّ الجِزْيَةَ تُقْبَلُ من جميعِ الكُفَّارِ، إلَّا عَبَدَةَ الأَوْثانِ من العَرَبِ. وهو مذهبُ أبِي


(١٠) في أ: "لم تبلغه".
(١) في أ، م: "والإنجيل".
(٢) السامرة: قوم من اليهود يخالفونهم في بعض أحكامهم. انظر: الملل والنحل، للشهرستاني ١/ ٥١٤.
(٣) سورة التوبة ٢٩.
(٤) في م: "لهم".
(٥) تقدم تخريجه في: ٩/ ٥٤٧.
(٦) في م: "وهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>