للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَجْرِى مَجْرَاهُ، فلا يُمْنَعُ منه، كالإِقْرَارِ بالحَدِّ والقِصَاصِ. ودَلِيلُ أنَّه لا يَجْرِى مَجْرَى المالِ، أنَّه يَصِحُّ من العَبْدِ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، مع مَنْعِه من التَّصَرُّفِ فى المالِ، ولا يُمْلَكُ بالمِيرَاثِ، ولأنَّه مُكَلَّفٌ طَلَّقَ امْرَأَتَه مُخْتَارًا، فوَقَعَ طَلَاقُه، كالعَبْدِ والمُكَاتَبِ.

فصل: وإذا أقَرَّ بما يُوجِبُ القِصَاصَ، فعَفَا المُقَرُّ له على مَالٍ، احْتَمَلَ أن يَجِبَ المالُ؛ لأنَّه عَفْوٌ عن قِصَاصٍ ثَابِتٍ، فصَحَّ، كما لو ثَبَتَ بالبَيِّنَةِ. واحْتَمَلَ أن لا يَصِحَّ؛ لئلَّا يُتَّخَذَ ذلك وَسِيلَةٌ إلى الإِقْرَارِ بالمَالِ، بأن يَتَوَاطَأَ المَحْجُورُ عليه والمُقَرُّ له على الإقْرَارِ بالقِصَاصِ، والعَفْوِ عنه على (٢) مَالٍ. ولأنَّه وُجُوبُ مَالٍ، مُسْتَنَدُهُ إقْرَارُه، فلم يَثْبُتْ، كالإِقْرَارِ به ابْتدَاءً. فعلى هذا القول يَسْقُطُ وُجُوبُ (٣) القِصَاصِ، ولا يَجِبُ المالُ فى الحالِ.

فصل: وإن خَالَعَ، صَحَّ خُلْعُهُ؛ لأنَّه إذا صَحَّ الطَّلَاقُ، ولا يَحْصُلُ منه شىءٌ، فالخُلْعُ الذى يَحْصُلُ به المالُ أوْلَى، إلَّا أنَّ العِوَضَ لا يُدْفَعُ إليه، وإن دُفِعَ إليه، لم يَصِحَّ قَبْضُه، وإن أَتْلَفَهُ، لم يَضْمَنْهُ، ولم تَبْرَإِ المَرْأةُ بِدَفْعِه إليه، وهو من ضَمَانِها إن أَتْلَفَهُ أو تَلِفَ فى يَدِه؛ لأنَّها سَلَّطَتْهُ على إتْلَافِه.

فصل: وإن أَعْتَقَ، لم يَصِحَّ عِتْقُهُ، وهذا قولُ القَاسِمِ بن محمدٍ، والشَّافِعِيِّ. وحَكَى أبو الخَطَّابِ، عن أحمدَ، رِوَايَةً أُخرى: أنَّه يَصِحُّ؛ لأنَّه عِتْقٌ من مُكَلَّفٍ مَالِكٍ تَامِّ الْمِلْكِ، فصَحَّ، كعِتْقِ الرَّاهِنِ والمُفْلِسِ. ولَنَا، أنَّه تَصَرُّفٌ فى مَالِه، فلم يَصِحَّ، كسَائِرِ تَصَرُّفَاتِه، ولأنَّه تَبَرُّعٌ فأَشْبَهَ هِبَتَهُ وَوَقْفَهُ، ولأنَّه مَحْجُورٌ عليه لِحِفْظِ مَالِه عليه، فلم يَصِحَّ عِتْقُه، كالصَّبِيِّ والمَجْنُونِ. وفَارَقَ المُفْلِسَ والرَّاهِنَ؛ فإنَّ الحَجْرَ عليهما لِحَقِّ غيرِهما.


(٢) فى الأصل، أ: "إلى".
(٣) سقط من: الأصل، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>