للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخَرَّجَ فيها مِثْلُ ما في التَّيَمُّمِ إذا وَجَدَ الماءَ؛ إذأ قُلْنَا إنَّه (٤) لا تَلْزَمُهُ الإِعَادَةُ، ولأنَّ الطَّهارةَ شَرْطٌ سَقَطَ اعْتِبَارُه، فأشْبَهَتِ السُّتْرَةَ إذا عَجَزَ عنها، فَصَلَّى عُرْيَانًا، ثم وَجَدَ السُّتْرَةَ في أثناءِ الصَّلَاةِ قَرِيبًا منه. وكُلُّ صَلَاةٍ يَلْزَمُهُ إعَادَتُها، فإنَّه يَلْزَمُه الخُرُوجُ منها إذا زال العُذْرُ، ويَلْزَمُه اسْتِقْبَالُها. وإنْ قُلْنَا لا يَلْزَمُهُ إعَادَتُها، فإنَّها تُشْبِهُ صَلَاةَ المُتَيَمِّمِ إذا وَجَدَ الماءَ، على ما مَضَى مِن القَوْلِ فيها.

فصل: ولو يَمَّمَ المَيِّتَ، ثم قَدَرَ على الماءِ في أثْنَاءِ الصَّلَاةِ عليه، لَزِمَهُ الخُرُوجُ؛ لأنَّ غُسْلَ المَيِّتِ مُمْكِنٌ، غيرُ مُتَوَقِّفٍ على إبْطَالِ المُصَلِّى صَلَاتَهُ، بخِلَافِ مَسْأَلَتِنا. ويَحْتَمِلُ أنْ تكونَ كمَسْأَلَتِنا؛ لأنَّ الماءَ وُجِدَ بعدَ الدُّخُولِ في الصَّلَاةِ.

فصل: وإذا قُلْنَا لا يَلْزَمُ المُصَلِّىَ الخُرُوجُ لرُؤْيَةِ الماءِ، فهل يَجُوزُ له الخُرُوجُ؟ فيه وَجْهَان: أحَدُهما، له ذلك؛ لأنَّهُ شَرَعَ في مَقْصُودِ البَدَلِ، فَخُيِّرَ بَيْنَ الرُّجُوعِ إلى المُبْدَلِ، وبين إتْمَامِ ما شَرَعَ فيه، كَمَنْ شَرَعَ في صَوْمِ الكَفَّارَةِ، ثم أمْكَنَهُ (٥) الرَّقَبَةُ. والثاني، لا يَجُوزُ له الخُرُوجُ؛ لأنَّ مالا (٦) يُوجِبُ الخُرُوجَ مِنَ الصَّلَاةِ لَا يُبِيحُ الخُرُوجَ منها (٦)، كسائِرِ الأشْياءِ. ولأصْحَابِ الشَّافِعِىِّ وَجْهَان، كهذَيْن.

فصل: إذا رَأَى ماءً في الصَّلَاةِ، ثُم انْقَلَبَ قبلَ اسْتِعْمَالِه، فإنْ قُلْنَا يَلْزَمُه الخُرُوجُ مِن الصَّلَاةِ. فقد بَطَلَتْ صَلَاتُه وتَيَمُّمُهُ بِرُؤْيَةِ الماءِ، والقُدْرَةِ عليه، ويَلْزَمُه اسْتِئْنافُ التَّيَمُّمِ والصَّلَاةِ. وإنْ قُلْنَا لَا تَبْطلُ صَلَاتُه. وانْدَفَقَ وهو فيها، فقالَ ابْنُ عَقِيلٍ: ليس له أنْ يُصَلِّىَ بذلك التَّيَمُّمِ صَلَاةً أُخْرَى. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ رُؤْيَةَ الماءَ حَرَّمَتْ عليه افْتِتَاحَ صَلَاةٍ أُخْرَى.

ولو تَلَبَّسَ بِنَافِلَةٍ، ثُم رَأَى مَاءً؛ فإنْ كان نَوَى عَدَدًا، أَتَى بِه. وإنْ لم يكنْ نَوَى عَدَدًا، لم يكنْ له أنْ يَزِيدَ على رَكْعَتَيْنِ؛ لأنَّه أَقَلُّ الصَّلَاةِ، على ظَاهِرِ المَذْهَبِ. قال (٧)


(٤) سقط من: الأصل.
(٥) في م: "أمكنته".
(٦) سقط من: م.
(٧) سقط من م: "قال الشيخ رحمه اللَّه".

<<  <  ج: ص:  >  >>