للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ضَمانِهِ أحَدٌ. ولو كان المَدْلُولُ رَأى الصَّيْدَ قبل الدَّلَالَةِ والإشَارَةِ، فلا شىءَ على الدَّالِّ وَالمُشِيرِ؛ لأنَّ ذلك لم يَكُنْ سَبَبًا في تَلَفِه، ولأنَّ هذه ليستْ دَلَالَةً على الحَقِيقَةِ، وكذلك إن وُجِدَ من المُحْرِمِ حَدَثٌ عندَ رُؤْيَةِ الصَّيْدِ، من ضَحِكٍ، أو اسْتِشْرَافٍ إلى الصَّيْدِ، ففَطِنَ له غيرُه فصَادَهُ، فلا شىءَ على المُحْرِمِ؛ بِدَلِيلِ ما جاءَ في حديثِ أبِى قَتَادَةَ (٩) قال: خَرَجْنَا مع رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حتى إذا كُنَّا بالقَاحَةِ (١٠)، ومِنَّا المُحْرِمُ، ومنَّا غيرُ المُحْرِمِ، إذْ بَصُرْتُ بأصْحَابِى يَتَرَاءَونَ شيئا، فنَظَرْتُ، فإذا حِمَارُ وَحْشٍ. وفي لَفْظٍ: فَبَيْنَا أنا مع أصْحَابِى يَضْحَكُ بعضُهم، إذ نَظَرْتُ، فإذا أنا بِحِمَارِ وَحْشٍ. وفي لفظ: فلما كُنَّا بالصِّفَاحِ (١١) فإذا هم يَتَراءَونَ. فقلتُ: أيَّ شىءٍ تَنْظُرُون؟ فلم يُخْبِرُونِى. مُتَّفَقٌ عليه.

فصل: فإن أعارَ قَاتِلَ الصَّيْدِ سِلَاحًا، فقَتَلَهُ به، فهو كما لو دَلَّهُ عليه، سواءٌ كان المُسْتَعَارُ ممَّا لا يَتِمُّ قَتْلُه إلَّا به، أو أعارَه شيئا هو مُسْتَغْنٍ عنه، مثلَ أن يُعِيرَهُ رُمْحًا ومعه رُمْحٌ، وكذلك لو أعَانَه عليه بِمُنَاوَلَتِه سَوْطَه أو رُمْحَه، أو أمَرَهُ بِاصْطِيَادِه؛ لما ذَكَرْنا من حَدِيثِ أبي قَتَادَةَ، وقولِ أصْحابِه: واللهِ لا نُعِينُكَ عليه بِشىءٍ. وقولِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "هَلْ مِنْكُمْ أحَدٌ أمَرَهُ أنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أوْ أشَارَ إلَيْهَا؟ ". وكذلك إن أعَارَهُ سِكِّينًا، فذَبَحَهُ بها. فإن أعَارَهُ آلةً لِيَسْتَعْمِلَها في غيرِ الصَّيْدِ، فاسْتَعْمَلَها في الصَّيْدِ، لم يَضْمَنْ؛ لأنَّ ذلك غيرُ مُحَرَّمٍ عليه، فأشْبَهَ ما لو ضَحِكَ عند رُؤْيَةِ الصَّيْدِ، ففَطِنَ له إنْسَانٌ، فصَادَهُ.

فصل: وإن دَلَّ الْحَلالُ مُحْرِمًا على الصَّيْدِ، فقَتَلَهُ، فلا شىءَ على الْحَلالِ؛ لأنَّه لا يَضْمَنُ الصَّيْدَ بالإتْلَافِ، فبِالدَّلَالَةِ أوْلَى، إلَّا أن يكونَ ذلك في الحَرَمِ،


(٩) تقدم تخريجه في صفحة ١٣٢.
(١٠) القاحة: مدينة على ثلاث مراحل من المدينة قبل السقيا بنحو ميل. معجم البلدان ٤/ ٥.
(١١) الصفاح: موضع بين حنين وأنصاب الحرم على يسرة الداخل إلى مكة من مشاش. معجم البلدان ٣/ ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>