للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ اللَّاتِى لا يَزِيدُ الوَاجِبُ فيها بِزِيادَتِها، ولا يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، فأمّا ما يَتَقَدَّرُ الوَاجِبُ بِقَدْرِهِ، وهو إتْلَافُ الصَّيْدِ، ففى كل وَاحِدٍ منها جَزاؤُهُ، وسَوَاءٌ فَعَلَهُ مُجْتَمِعًا أو مُتَفَرِّقًا، ولا تَدَاخُلَ فيه، فَفِعْلُ المَحْظُورَاتِ مُتَفَرِّقًا كفِعْلِها مُجْتَمِعَةً فى الفِدْيَةِ، ما لم يُكَفِّرْ عن الأوَّلِ قبلَ فِعْلِ الثَّانِى. وعن أحمدَ أنَّه إنْ كَرَّرَهُ لأسْبَابٍ، مِثْلُ أنْ لَبِسَ لِلْبَرْدِ، ثم لَبِسَ لِلْحَرِّ، ثم لَبِسَ لِلْمَرَضِ، فكفَّارَاتٌ، وإن كان لِسَبَبٍ وَاحِدٍ، فكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وقد رَوَي عنه الأثْرَمُ، فى مَن لَبِسَ قَمِيصًا وَجُبَّةً وعِمَامَةً وغيرَ ذلك، لِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ، [فكَفَّارةٌ واحِدةٌ] (١٩)، قلتُ له: فإن اعْتَلَّ فَلَبِسَ جُبَّةً، ثم بَرَأ، ثم اعْتَلَّ فَلَبِسَ جُبَّةً؟ فقال: هذا الآن عليه كَفَّارَتانِ. وعن الشَّافِعِىِّ كقَوْلِنا. وعنه: لا يَتَدَاخَلُ. وقال مَالِكٌ: تَتَدَاخَلُ كَفَّارَةُ الوَطْءِ دُونَ غيرِه. وقال أبو حنيفةَ: إن كَرَّرَهُ فى مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فكَفَّارَةٌ وَاحِدةٌ، وإن كان فى مَجالِسَ فكَفَّارَاتٌ؛ لأنَّ حُكْمَ المَجْلِسِ الوَاحِدِ حُكْمُ الفِعْلِ الواحِدِ، بِخِلافِ غَيْرِه. ولَنا، أنَّ ما يَتَدَاخَلُ إذا كان بَعْضُه عَقِيبَ بعضٍ يَجِبُ أن يَتَدَاخَلَ، وإن تَفَرَّقَ كالحُدُودِ وكَفَّاراتِ (٢٠) الأيْمانِ، ولأنَّ اللهَ تعالى أوْجَبَ فى حَلْقِ الرَّأْسِ فِدْيَةً واحِدَةً، ولم يُفَرِّقْ بين ما وَقَع فى دُفْعَةٍ أو فى (٢١) دُفَعاتٍ، والقَوْلُ بأنه لا يَتَدَاخَلُ غيرُ صَحِيحٍ، فإنَّه إذا حَلَقَ رَأْسَهُ لا يُمْكِنُ إلَّا شيئا بعدَ شىءٍ.

فصل: فأمَّا جَزاءُ الصَّيْدِ فلا يَتَداخَلُ، ويَجبُ فى كلِّ صَيْدٍ جَزاؤُه، سَواءٌ وَقَعَ مُتَفَرِّقًا أو فى حالٍ وَاحِدَةٍ. وعن أحمدَ، أنَّه يَتَدَاخَلُ، قِيَاسًا على سائِرِ المَحْظُورَاتِ. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (٢٢). ومِثلُ الصَّيْدَيْنِ لا يكونُ مِثلَ (٢١) أحَدِهما، ولأنَّه لو قَتَلَ صَيْدَيْنِ دُفْعَةً


(١٩) سقط من: ب، م.
(٢٠) فى أ، ب، م: "وكفارة".
(٢١) سقط من: ب، م.
(٢٢) سورة المائدة ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>