للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طالقٌ. طَلُقَتْ؛ لأنَّ الواوَ ليست للجزاءِ، وقد تَكونُ للابتداءِ. فإن قال: أردتُ بها الجزاءَ. أو قال: أردتُ أن أجْعلَ دُخولَها فى حالِ كَوْنِها طالِقًا شَرْطًا لِشَىءٍ، ثم أمْسَكْتُ. دِينَ. وهل يُقبَلُ فى الحُكمِ؟ يُخَرَّجُ على روايتَيْنِ. وإن جَعلَ لهذا جَزاءً، فقال: إن دخَلْتِ الدَّارَ وأنتِ طالقٌ فعبْدِى حُرٌّ. صَحَّ، ولم يَعْتِقِ العبدُ حتى تَدخُلَ الدَّارَ. وهى طالقٌ؛ لأنَّ الواوَ ههُنا للحالِ، كقولِ اللَّهِ تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (٣٥). وقولِه: {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} (٣٦). ولو قال: أنتِ طالقٌ إن دخلتِ الدَّارَ طالِقًا. فدَخَلَتْ وهى طالِقٌ، طَلُقَتْ أُخْرَى، وإِنْ دَخَلَتْها غيرَ طالِقٍ، لم تَطْلُقْ؛ لأنَّ هذا حالٌ، فجَرى مَجْرَى قولِه: أنت طالقٌ إن دخلتِ الدَّارَ راكبةً. وإن قال: أنتِ طالقٌ لو قُمتِ. كان ذلك شَرْطًا بمنزلَةِ قولِه: إن قُمْتِ. وهذا يُحْكَى عن أبى يوسفَ، ولأنَّها لو لم تَكُنْ للشَّرطِ كانت لَغْوًا، والأصلُ اعتبارُ كَلامِ المُكَلَّفِ. وقِيلَ: يَقَعُ الطَّلاقُ فى الحالِ. وهذا قولُ بعضِ أصحابِ الشَّافعىِّ؛ لأنَّها بعدَ الإِثباتِ تُسْتعمَلُ لغيرِ المَنْعِ، كقولِه تعالى: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} (٣٧)، {وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} (٣٨). وإن قال: أرَدْتُ أن أجْعلَ لها جوابًا. دِينَ. وهل يُقْبَلُ فى الحُكمِ؟ يُخَرَّجُ على روايتَيْنِ.

فصل: فإن قال: إن أَكَلْتِ ولَبِسْتِ فأنتِ طالقٌ. لم تَطْلُقْ إلَّا بوُجودِهما جميعًا، سَواءٌ تَقَدَّمَ الأكلُ أو تَأخَّرَ؛ لأنَّ الواوَ للعطفِ ولا تَقْتضِى ترتيبًا. وإن قال: إن أكلتِ أو لَبِسْتِ فأنتِ طالقٌ. طَلُقَتْ بوُجودِ أحدِهما؛ لأنَّ أو لأحَدِ الشَّيئينِ. وكذلك إن قال: إن أكَلْتِ، أو إن لَبسْتِ، أو لا أكَلْتِ ولا لَبِسْتِ. وإن قال: أنتِ طالقٌ لا أكَلْتِ ولَبِسْتِ. لم تَطْلُق إلَّا بفِعْلِهما، إلَّا على الرِّوايةِ التى تقول: يَحْنَثُ (٣٩) بفعلِ بعضِ


(٣٥) سورة المائدة ٩٥.
(٣٦) سورة آل عمران ١٤٣.
(٣٧) سورة الواقعة ٧٦.
(٣٨) سورة القصص ٦٤.
(٣٩) فى الأصل: "حنث".

<<  <  ج: ص:  >  >>