للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحِدٌ، والخِلافُ في نِيَّتِهِ وقَصْدِه، وقَدْ يَخْفَى ذلك على أحدِهما دونَ الآخَرِ. وإن شَهِدَ أحدُهما أنَّه قتلَه، وشَهِدَ الآخَرُ أنَّه أَقَرَّ بِقَتْلِه، ثَبَتَ القَتْلُ. نَصَّ عليه أحمدُ، واختارَه أبو بكر. واختارَ القاضي أنَّه لا يثبُتُ. وهو مذهبُ الشافِعيِّ؛ لأنَّ أحدَهما شَهِدَ بغيرِ ما شَهِدَ بِه الآخرُ، فلم تَتَّفِقْ شَهادتُهما على فِعْلٍ واحِدٍ. ولَنا، أنَّ الذي أَقَرَّ به هو القتلُ الذي شَهِدَ به الشاهِدُ، فلا تَنَافِىَ بينَهما، فيثبُتُ بشهادتِهما، كما لو شَهِدَ أحدُهما بالقَتْلِ عَمْدًا، والآخَرُ بالقتلِ خَطَأً، أو كما لو شَهِدَ أحدُهما أنَّ له عليه ألفًا، وشَهِدَ الآخَرُ أنَّه أَقَرَّ بِألفٍ له (١٧).

فصل: إذا قُتِلَ رَجُلٌ عَمْدًا قَتلًا يُوجِبُ القِصاصَ [فشَهِدَ أحدُ الورثةِ على واحدٍ منهم أنَّه عَفَا عن القَوَدِ، سقط القصاصُ] (١٨)، سَواءٌ كان الشاهدُ عَدْلًا، أو فاسِقًا؛ لأنَّ شَهادتَه تَضَمَّنَتْ سُقُوطَ حَقِّه مِن القِصاصِ، وقولُه مَقْبولٌ في ذلك؛ فإنَّ أحدَ الوَليَّيْن إذا عفَا عن حَقِّه، سَقَطَ القِصاصُ كلُّه. ويُشْبِهُ هذا ما لو كان عبدٌ بينَ شَرِيكَيْن، فَشَهِدَ أحدُهما أنَّ شريكَه أعْتَقَ نَصيبَه، وهو مُوسِرٌ، عَتَقَ نَصِيبُه وإنْ أَنْكَرَه الآخَرُ. فإنْ كان الشَّاهدُ بالعَفْوِ [شَهِدَ بالعَفْوِ] (١٨) عن القِصاصِ والمالِ، لم يَسْقُطِ المالُ؛ لأنَّ الشاهِدَ اعْتَرَفَ أنَّ نَصيبَه سَقَطَ بِغيرِ اخْتيارِه، فأمَّا نصيبُ المشْهُودِ عليه، فإن كان الشاهِدُ مِمَّن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه، فالقَوْلُ قَوْلُ المَشْهُودِ عليه مع يَمِينِه، فإذا حَلَفَ ثَبَتَتْ حِصَّتُه من الدِّيَةِ، وإن كان الشاهِدُ مَقْبولَ القَوْلِ، حَلَفَ الجانِي مَعَه، وسَقَطَ عنه حَقُّ (١٩) المشهودِ عليه، ويَحْلِفُ الجانِي أنَّه عفَا عن الدِّيَةِ، ولا يَحْتاجُ إلى ذِكْرِ العَفْوِ عن القِصاصِ؛ لأنَّه قد سَقَطَ (٢٠) بِشَهادَةِ الشاهِدِ، فلا يَحْتاجُ إلى ذِكْرِه في اليَمِينِ؛ ولأنَّه


(١٧) سقط من: الأصل، ب.
(١٨) سقط من: م. نقل نظر.
(١٩) في ب، م: "الحق".
(٢٠) في م: "أسقط".

<<  <  ج: ص:  >  >>