للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن نَذَرَ نَذْرًا فى مَعْصِيَةٍ، فكفارتُه كفَّارةُ يَمِينٍ، ومَن نَذَرَ نَذْرًا لا يُطيقُه، فكفَّارتُه كفارةُ يَمِينٍ، ومَن نَذَرَ نذرًا يُطيقُه، فَلْيَفِ (٦) اللَّهَ بما نَذَرَ. فإذا كفَّرَ، وكان المَنْذورُ غيرَ الصيامِ، لم يَلْزَمْه شىءٌ آخَرُ. وإن كان صِيامًا. فعن أحمدَ رِوَايَتانِ؛ إحداهما، يَلْزَمُه لكلِّ يومٍ إطْعامُ مِسكينٍ. قال القاضى: وهذه أصَحُّ؛ لأنَّه صومٌ وُجِدَ سببُ إيجابِه عَيْنًا، فإذا عجَز عنه، لَزِمَه أَنْ يُطْعِمَ عن كلِّ يومٍ مِسْكينًا، كصيامِ رمضانَ، ولأنَّ المُطْلَقَ من كلامِ الآدَمِيِّين يُحْمَلُ على المعْهودِ شَرْعًا، ولو عَجز عن الصومِ المَشْروعِ، أطْعَم عن كلِّ يومٍ مِسكينًا (٧)، وكذلك (٨) إذا عجَز عن الصومِ المَنْذورِ. والثانية، لا يَلْزَمُه شىءٌ آخَرُ من الطَّعامِ (٩) ولا غيرِه؛ لقولِه عليه السلامُ: " وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطيقُهُ، فَكَفَارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ". وهذا يَقْتَضِى أن تكونَ كفارةُ (٧) اليَمِينِ جميعَ كفَّارتِه، ولأنَّه نَذْرٌ عجَز عن الوفاءِ به، فكان الواجبُ فيه كفَّارةَ يَمِينٍ، كسائرِ النُّذُورِ، ولأنَّ مُوجَبَ النَّذْرِ مُوجبُ اليَمِينِ، إلا مع إمكانِ الوفاءِ به إذا كان قُرْبةً، ولا يصِح قياسُه على صَوْمِ رمضانَ؛ لوَجْهَين؛ أحدهما، أَنَّ رمضانَ يُطْعَمُ عنه عندَ العَجْزِ بالموتِ، فكذلك فى الحياةِ، وهذا بخِلافِه، ولأنَّ صومَ رمضانَ آكَدُ؛ بدليلِ وُجوبِ الكفَّارةِ بالجِماعِ فيه، وعِظَمِ إثمِ منْ أفْطَرَ بغيرِ عُذْرٍ. والثانى، أَنَّ قياسَ المَنْذور على المنْذورِ، أَوْلَى من قياسِه على المفْرُوضِ بأصلِ الشَّرْعِ، ولأن هذا قد وجَبتْ فيه كفَّارةٌ، فأجْزَأتْ عنه، بخلافِ المشْروعِ. وقولُهم: إنَّ المُطْلَقَ من كلامِ الآدَمِيِّينَ (١٠) محمولٌ على المعْهودِ فى الشَّرْعِ. قُلْنا: ليس هذا بمُطْلَقٍ، وإنَّما هو مَنْذورٌ مُعَيَّنٌ، ويَتَخَرَّجُ أن لا تَلْزَمَه كفارةٌ فى العَجزِ عنه، كما [لو عَجَزَ عن] (١١) الواجِبِ بأصلِ الشَّرْعِ.

فصل: وإِنْ عَجَزَ لِعَارِضٍ يُرجَى زَوالُه، من مَرَضٍ، أو نحوِه، انْتظَرَ زَوالَه، ولا تَلْزَمُه


(٦) فى م: "فيف". خطأ.
(٧) سقط من: ب.
(٨) سقطت الواو من: ب.
(٩) فى م: "إطعام".
(١٠) فى م: "الآدمى".
(١١) فى م: "فى العجز".

<<  <  ج: ص:  >  >>